للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: فضل الأضحية]

لا شك أن للأضحية فضلًا عظيمًا وأجرًا جزيلًا، قال تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: ٣٢] فالأضحية من شعائر الله تعالى ومعالمه، وأن الذبح لله تعالى والتقرب إليه بالقرابين- من أعظم العبادات وأَجَلّ الطاعات.

وقد قَرَن الله ﷿ الذبح بالصلاة في عدة مواضع من كتابه العظيم؛ لبيان عظمة الذبح وكبير شأنه وعلو منزلته، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: ١٦٢] وقال تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: ٢] فأَمَر بالنحر كما أَمَر بالصلاة.

ويكفي شرفًا وفضلًا أن الأضحية هي سُنة خليل الرحمن، وفِعل سيد الأنام، والصحابة الأخيار ومَن تبعهم بإحسان.

ولكن وردت أحاديث خاصة في فضل الأضحية، منها حديث زيد بن أَرْقَم قال: قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ : يَا رَسُولَ اللهِ، مَا هَذِهِ الأَضَاحِيُّ؟ قَالَ: «سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ» قَالُوا: فَمَا لَنَا فِيهَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «بِكُلِّ شَعَرَةٍ حَسَنَةٌ» (١).


(١) ضعيف جدًّا: أخرجه أحمد (١٩٢٨٣) وفي إسناده (نُفَيْع بن الحارث) وهو متروك.
وفي الباب أحاديث:
الحديث الأول: عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عَمَلًا أَحَبَّ إِلَى اللهِ ﷿ مِنْ هِرَاقَةِ دَمٍ، وَإِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَظْلَافِهَا وَأَشْعَارِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ ﷿ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ الأَرْضَ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا». أخرجه ابن ماجه (٣١٢٧).
وفي سنده علتان: إحداهما: ضَعْف أبي المُثَنَّى. الثانية: ما قاله البخاري: لَمْ يَسْمَعْ أَبُو المُثَنَّى مِنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ.
الحديث الثاني: عن أبي سعيد الخُدْري قال: قال رسول الله : «يا فاطمة، قومي إلى أضحيتك فاشهديها؛ فإن لكِ بأول قطرة تَقطر من دمها أن يُغْفَر لكِ ما سلف من ذنوبكِ» أخرجه العُقيلي في «الضعفاء» (٢/ ١١)، والبَزَّار في «كشف الأستار» (١٢٠٢). وفي إسناده داود بن عبد الحميد وعطية العَوْفي، وكلاهما ضعيف. قال أبو حاتم: هذا حديث منكر (١٥٩٦).
وقد أخرجه الحاكم (٧٧٣١) عن عِمران بن حُصَيْن. وفي إسناده أبو حمزة الثُّمَالِيّ، وهو ضعيف جدًّا.
الحديث الثالث: عن أبي هريرة، عن النبي قال «اسْتَفْرِهُوا ضَحَايَاكُمْ؛ فَإِنَّهَا مَطَايَاكُمْ إِلَى الجنة» وفي رواية: «عَظِّموا ضحاياكم؛ فإنها مطاياكم على الصراط».
«استَفرِهوا ضحاياكم»: استَكرِموها، فضَحُّوا بالكريمة الشابة، المليحة، الحسنة المنظر والسير.
قال ابن حجر: أخرجه صاحب «مُسنَد الفِردوس». وفي إسناده: عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مَوْهَبٍ، ضَعِيفٌ جِدًّا. «التلخيص الحبير» (٤/ ٢٥١).
الحديث الرابع: عن الحسين بن علي قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «مَنْ ضَحَّى طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ، مُحْتَسِبًا لِأُضْحِيَّتِهِ؛ كَانَتْ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ» أخرجه الطبراني (٢٧٣٦) وفي إسناده سليمان النَّخَعي، كذاب.
الحديث الخامس: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «مَا أُنْفِقَتِ الْوَرِقُ فِي شَيْءٍ أَفْضَلَ مِنْ نَحِيرَةٍ تَنْحَرُهَا فِي يَوْمِ عِيدٍ» رواه الطبراني (١٠٨٩٤) وفي إسناده إبراهيم بن يزيد الخُوزِي، وهو متروك.
الحديث السادس: رُوي أَنْ الله تعالى يعتق بكل عضو من الضحية عضوًا من المضحي.
قال الرافعي: وهذا غريب، لا يَحضرني مَنْ خَرَّجه. وقال ابن الصلاح: إنه حديث غير معروف، وإنه لم يجد له سندًا يَثبت به. «البدر المنير» (٩/ ٢٧٦). وفي الباب أحاديث أخرى تالفة.

<<  <   >  >>