للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٣٣].

٢ - المكاسب في التجارة؛ لعموم قوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٨] (١).

٣ - تحقيق التكافل الاجتماعي، والعطف على الفقراء المساكين؛ لعموم قوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: ٢٨] وتحقيق التعارف بين أهل الإسلام؛ لقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ [الحجرات: ١٣].

قال الشنقيطي: وَمِنْ تِلْكَ الْمَنَافِعِ تَيَسُّرُ اجْتِمَاعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَقْطَارِ الدُّنْيَا، فِي أَوْقَاتٍ مُعَيَّنَةٍ، فِي أَمَاكِنَ مُعَيَّنَةٍ؛ لِيَشْعُرُوا بِالْوَحْدَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَلِتُمْكِنَ اسْتِفَادَةُ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ فِيمَا يَهُمُّ الْجَمِيعَ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ، فَهُوَ تَشْرِيعٌ عَظِيمٌ مِنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ.

٤ - تحقيق معاني الوحدة والأخوة الإسلامية، ففي الحج تختفي الفوارق بين الناس من الغِنى والفقر، والجنس واللون … وغير ذلك، وتتوحد وجهتهم نحو خالق واحد، وبلباس واحد، يؤدون نفس الأعمال في زمن واحد ومكان واحد. بالإضافة إلى ما يكون بين الحجيج من مظاهر التعاون على البِر والتقوى، والتواصي بالحق (٢).

• المَقصِد السابع: إشاعة الأمن بين المسلمين:

فمِن مقاصد الحج إشاعة الأمن بين المسلمين، ولقد دعا إبراهيم ربه بأن يَسُود الأمن البلد الحرام، فقال: ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا﴾ [البقرة: ١٢٦] وقد استجاب الله دعاءه فلم يَصِل


(١) روى البخاري (٢٠٥٠): عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ عُكَاظٌ وَمَجَنَّةُ وَذُو المَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الإِسْلَامُ، فَكَأَنَّهُمْ تَأَثَّمُوا فِيهِ، فَنَزَلَتْ: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٨] فِي مَوَاسِمِ الحَجِّ.
قال ابن قُدامة: أَمَّا التِّجَارَةُ وَالصِّنَاعَةُ، فَلَا نَعْلَمُ فِي إِبَاحَتِهِمَا اخْتِلَافًا. «المغني» (٥/ ١٧٤).
وقال الجَصَّاص: وَعَلَى هَذَا أَمْرُ النَّاسِ مِنْ عَصْرِ النَّبِيِّ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا، فِي مَوَاسِمِ مِنًى وَمَكَّةَ، فِي أَيَّام الْحَجِّ. وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا رُوِيَ عَنْهُ خِلَافُ ذَلِكَ، إِلَّا شَيْئًا رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سَأَلَهُ رَجُلٌ أَعْرَابِيٌّ فقال: إِنِّى أُكْرِي إِبِلِي، وَأَنَا أُرِيدُ الْحَجَّ، أَفَيُجْزِينِي؟ قَالَ: لَا وَلَا كَرَامَةَ. وَهَذَا قَوْلٌ شَاذٌّ، خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. «أحكام القرآن» (١/ ٣٨٦).
(٢) «الموسوعة الفقهية الكويتية» (٢/ ٣٤).

<<  <   >  >>