للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحسن الشيباني من الحنفية، وهو قول الشافعي في القديم، وهو مذهب الحنابلة (١).

قياسًا على ما إذا تعددت أحداث من جنس واحد، فيكفيه وضوء واحد. فمَن كَفَّر عن الأول ثم ارتكب المحظور يَلزمه فدية أخرى قياسًا على الحدود.

القول الآخَر: أن مَنْ كَرَّر محظورًا من جنس واحد في أوقات مختلفة، لَبِس ثم لَبِس، فيجب عليه كفارة لكل فعل. وهو مذهب الحنفية والمالكية، وقول للشافعي (٢).

والراجح: أن مَنْ كَرَّر محظورًا من جنس واحد، في أوقات مختلفة، لَبِس ثم لَبِس، فلا تجب عليه إلا كفارة واحدة، ما لم يُكفِّر عن الأول؛ قياسًا على ما إذا تعددت أحداث من جنس واحد، فيكفيه وضوء واحد.

وكذا فإن من قواعد الشريعة التيسير على المكلفين. وإيجاب كفارة في كل مرة على مَنْ كَرَّر محظورًا من جنس واحد في أوقات مختلفة- فيه مشقة تُنافِي قواعد الشريعة. ولذا فمَن كَرر اللباس فلا تجب عليه إلا كفارة واحدة، ما لم يُكفِّر عن الأول.

الحال الثانية: أن يكون المحظور من أجناس مختلفة، كطِيب ولُبس مَخيط، فإنه يَفدي لكل محظور. وهذا باتفاق المذاهب: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة (٣) لأنها محظورات مختلفة الأجناس، فلم تتداخل أجزاؤها، كالحدود المختلفة.

الحال الثالثة: أن يكون المحظور صيدًا، فإن الفدية تتعدد بتعدد الصيد.

اختَلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: وجوب الجزاء كلما صاد المُحْرِم صيدًا، فإذا كَرَّر المُحْرِم قتل الصيد، فعليه لكل مرة فدية. وبه قال الحنفية والمالكية والشافعية، والمشهور عند الحنابلة (٤).

واستدلوا بأنه كيف تنتفي الكفارة عن المُحْرِم العائد لقتل الصيد في الدنيا؟! ولأن الله تَوَعَّد أن ينتقم من العائد لقتل الصيد وهو مُحْرِم، بقوله: ﴿وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ﴾


(١) «فتح القدير» (٣/ ٣٢)، و «المجموع» (٧/ ٣٨٢)، و «المبدع» (٣/ ١١٦).
(٢) «المبسوط» (٤/ ١٢٩)، و «المدونة» (١/ ٣٠٥)، و «الحاوي» (٤/ ١٠٣).
(٣) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٩٤)، و «المدونة» (١/ ٤٠٨)، و «المجموع» (٧/ ٣٨٢)، و «المبدع» (٣/ ١١٦).
(٤) «المبسوط» (٤/ ٩٦)، و «الاستذكار» (١٢/ ٢٨٣)، و «الحاوي» (٤/ ٢٨٤)، و «الإنصاف» (٣/ ٣٤٧).

<<  <   >  >>