للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِمَا رَوَى الْمُهَاجِرُ قَالَ: سُئِلَ جَابِرُ عَنِ الرَّجُلِ يَرَى الْبَيْتَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا إِلَّا الْيَهُودَ، وَقَدْ حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ فَلَمْ يَكُنْ يَفْعَلُهُ (١).

القول الآخَر: استَحب الشافعي وأحمد رفع اليدين عند رؤية البيت (٢).

واستدلوا بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ إِذَا رَأَى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً» (٣).

واستدلوابعموم قول النبي : «تُرْفَعُ الْأَيْدِي فِي الصَّلَاةِ، وَإِذَا رُئِيَ الْبَيْتُ» (٤).

والراجح: أنه لا يُشْرَع رفع اليدين عند رؤية البيت؛ لأنه لا يصح في ذلك حديث عن رسول الله ، وهذه عبادة، والأصل في العبادة التوقيف.

وأما ما ورد عن عمر لما دَخَلَ البيت، قال: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْك السَّلَامُ، فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ (٥) فهو ضعيف، والله أعلم.

المطلب الثالث: يُستحب أن يبتدئ بالطواف عند دخوله المسجد الحرام:

فَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ (٦).


(١) ضعيف: أخرجه أبو داود (١٨٦١)، وفي إسناده المُهاجِر بن عِكرمة المكي، وهو مجهول.
(٢) «المجموع» (٨/ ٩)، و «المغني» (٣/ ١٣)، و «الإنصاف» (٤/ ٤).
(٣) موضوع: أخرجه الشافعي في «المسند» (٩٤٨).
هذا حديث مُعْضَل؛ لأن ابن جُريج بينه وبين النبي اثنان أو أكثر. «نتائج الأفكار» (٥/ ٢٥٨).
وللحديث شواهد، منها:
الأول: عن ابن عباس، أخرجه الواقدي في «المغازي» (١٠٩٧) وفي إسناده، ابن أبي سَبْرة، وَضَّاع.
الثاني: ما رواه ابن أبي شيبة (١٦٤٨٨) من طريق سفيان، عن رجل، عن مكحول، مرفوعًا به، بدون رفع اليدين. وهذا السند فيه علتان، وهما: الإبهام والإرسال؛ فإن مكحولًا من التابعين.
وللحديث طريق ثالث، وَفِي إِسْنَادِهِ عَاصِمٌ الْكُوزِيُّ، وَهُوَ كَذَّابٌ. وله طرق أخرى لا تخلو من مقال.
(٤) ضعيف: أخرجه الشافعي في «المسند» (٩٥٠) من طريق ابن جُرَيْج قال: حُدِّثْتُ عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، به. وإسناده ضعيف لإبهام الواسطة بين ابن جُريج ومِقسم.
قال البيهقي: وَهُوَ مُنْقَطِعٌ، ولَمْ يَسْمَعْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ مِنْ مِقْسَمٍ. «السُّنن الكبرى» (٩/ ٥٢٢) ..
ورواه ابن خُزيمة (٢٧٨٠) وفي إسناده ابن أبي ليلى، وهو ضعيف، ولم يَسمعِ الحَكَم من مِقْسَم.
(٥) إسناده ضعيف: أخرجه ابن أبي شيبة (١٦٤٨٩) وفيه العُمَري، وهو ضعيف. وله طرق أخرى لا تصح.
(٦) البخاري (١٦١٤)، ومسلم (١٢٣٥).

<<  <   >  >>