للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الآخَر: أن رمي الجمرة ليلًا لا يَجوز؛ لأن وقت الرمي يوم النحر ينتهي بغروب الشمس. وهو قول للمالكية، وأحد الوجهين عند الشافعية، والمذهب عند الحنابلة (١).

واستدلوا بالسُّنة والمأثور:

أما السُّنة، فهو أن النبي لم يَرْمِ الجمرات إلا نهارًا، فدل على عدم جوازه ليلًا.

ونوقش بأَنَّ فِعله هذا للاستحباب؛ لأنه أجاز مَنْ رمى مساء، والمساء يَدخل فيه الليل، فلما سأله رجل فقال: رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ، فَقَالَ: «لَا حَرَجَ».

وأما المأثور، فما ورد عن ابن عمر قال: «مَنْ نَسِىَ أَيَّامَ الْجِمَارِ- أَوْ قَالَ: رَمْيَ الْجِمَارِ إِلَى اللَّيْلِ- فَلَا يَرْمِي حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ مِنَ الْغَدِ» (٢).

ونوقش بأنه مُعارَض بما ثَبَت عن ابن عمر من الترخيص لزوجته بالرمي ليلًا.

والراجح: أنه يجوز الرمي ليلًا، فيمتد وقت جواز رمي كل يوم إلى فجر اليوم التالي، وأن آخِر وقت لرمي جمرة العقبة يوم النحر هو طلوع فجر أول أيام التشريق؛ لِما رواه ابن عباس قال: سأل رجلٌ النبي فقال: رميتُ بعدما أمسيتُ، فقال: «لا حرج».

المبحث الرابع:

حُكْم الرمي لليوم الثاني عشر من منتصف الليلة التي قبله:

مَنْ قالوا بجواز الرمي قبل الزوال اختلفوا هل يَبدأ بطلوع الفجر أو الشمس؟

القول الأول: يَبدأ الرمي بطلوع الفجر. وهو رواية عند الحنفية وبعض الشافعية (٣).

واستدلوا بأن طلوع الفجر هو أول النهار، كما في الصيام وغيره، وبه ينتهي وقت الرمي لليوم الذي قبله، فناسب أن يكون بداية للرمي في اليوم الجديد.

القول الآخَر: يَبدأ الرمي بطلوع الشمس. وهو قول بعض الحنابلة (٤).


(١) «المُدوَّنة» (٢/ ٤١٩)، و «المجموع» (٨/ ١٦٢)، و «المغني» (٥/ ٢٩٥).
(٢) إسناده صحيح: أخرجه البيهقي في «السُّنن الكبرى» (٩٧٥٨).
(٣) «نَصْب الراية» (٣/ ٣٥)، و «تحفة المحتاج» (٤/ ١٣٨).
(٤) «مسائل إسحاق» (ص: ٤٩٧)، و «الفروع» (٣/ ٣٨٢).

<<  <   >  >>