للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا بما رُويَ عن ابن عباس قال: «إِذَا انْتَفَحَ النَّهَارُ مِنْ يَوْمِ النَّفْرِ الآخِرِ، فَقَدْ حَلَّ الرَّمْيُ وَالصَّدْرُ».

وَجْه الدلالة: (إِذَا انْتَفَحَ النَّهَارُ) فدل ذلك على عدم جواز الرمي قبل طلوع الشمس.

والراجح عند مَنْ أجاز الرمي قبل الزوال: جواز الرمي بطلوع الفجر؛ لأنه بداية اليوم ونهاية رمي اليوم السابق.

وهنا مشكلة كبرى، وهي أن حُجاج أكثر الحَمَلات يَرمون الجمرات من منتصف ليلة الثاني عشر، وينصرفون من مِنًى في ذلك الوقت؛ وذلك بِناء على أن اليوم الجديد يَبدأ من الساعة الثانية عَشْرة مساء، كما هو معمول به في المطارات والحجوزات ونحو ذلك، فهل يَجوز الرمي لليوم الثاني عشر من منتصف الليلة السابقة له؟

والجواب: لا يَجوز؛ لأن اليوم لا يَبدأ لغة ولا شرعًا قبل طلوع الفجر.

والعلماء الذين قالوا بجواز الرمي قبل الزوال اختلفوا: هل يَبدأ الرمي بطلوع الفجر أو بطلوع الشمس؟ ولم أقف على دليل مَنْ قال بجواز الرمي لليوم الثاني عشر من منتصف الليلة السابقة له، إلا تجار الحملات.

وبعضهم يذهب قبل منتصف الليل بنصف ساعة، من ليلة الثاني عشر، فيرمي لليوم الحادي عشر، ثم بانتهائه يدور بعد منتصف الليل، ويرمي لليوم الثاني عشر، وكأنه في نزهة خلوية، وقد نسي أن الحج جهاد، وقد قال النبي : «لَكِنَّ أَفْضَلَ الجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ».

وتأتي مِنًى بعد منتصف الليل، فتكاد تكون المخيمات خالية من الحُجاج، فإنا لله وإنا إليه راجعون! ولذا فلا اعتبار لهذا الرمي من منتصف ليلة الثاني عشر؛ لِما فيه من خداع وتغرير بالحُجاج بدون دليل، والله أعلم.

<<  <   >  >>