للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القسم الثاني: ما لا يَقدر عليه، فإنه يفعله عنه وليه (١).

عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ طَافَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ فِي خِرْقَةٍ (٢).

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَحُجُّ بِصِبْيَانِهِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَرْمِيَ رَمَى، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ رَمَى عَنْهُ (٣).

الشرط الرابع: الحرية، وفيه مبحثان:

[المبحث الأول: الحج لا يجب على العبد]

أَجْمَع العلماء على أن الحرية شرط في وجوب الحج، فلا يجب على العبد (٤).

المبحث الثاني: إذا حَجَّ العبد، لم يجزئه عن حج الفريضة:

إذا حَجَّ العبد لم يجزئه عن حج الفريضة، ولزمه الحج إذا أُعْتِق (٥).

ودل على ذلك القرآن والسُّنة:

أما القرآن، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَطَ الِاسْتِطَاعَةَ لِوُجُوبِ الْحَجِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧] وَلَا اسْتِطَاعَةَ بِدُونِ مِلْكِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، وَلَا مِلْكَ لِلْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ فَلَا يَكُونُ مَالِكًا بِالْإِذْنِ، فَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الْوُجُوبِ، فالْمَمْلُوكُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ خَارِجٌ مِنَ الْخِطَابِ الْعَامِّ، بِدَلِيلِ عَدَمِ التَّصَرُّفِ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ لِسَيِّدِهِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحُجَّ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ (٦).


(١) قال ابن قُدامة: إنَّ كُلَّ مَا أَمْكَنَهُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ، لَزِمَهُ فِعْلُهُ، وَلَا يَنُوبُ غَيْرُهُ عَنْهُ فِيهِ، كَالْوُقُوفِ وَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَنَحْوِهِمَا، وَمَا عَجَزَ عَنْهُ عَمِلَهُ الْوَلِيُّ عَنْهُ. «المغني» (٥/ ٥٢). وقال ابن المنذر: فأما الصبي الذي لا يَقدر على الرمي، فكل مَنْ حَفِظتُ عنه من أهل العلم يَرى الرمي عنه. «الإشراف» (٣/ ٣٢٩).
(٢) ضعيف لانقطاعه، وفيه نكارة؛ لأن ابن الزبير وُلِد في السَّنة الأولى من الهجرة، وحَجَّ أبو بكر في العام التاسع والعاشر. رواه عبد الرزاق (٩٢٣٩)، وابن أبي شيبة (١٤٨٨٢).
(٣) إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (١٣٨٤٣): حدثنا عبد الأعلى، عن عُبَيْد الله بن عمر، عن نافع، به.
(٤) وحَكَى الإجماع على ذلك: ابن قُدامة في «المغني» (٥/ ٧)، والنووي في «المجموع» (٧/ ١٩)، وابن حزم في «مراتب الإجماع» (ص: ٤١)، والشربيني في «مغني المحتاج» (١/ ٤٦٢) وغيرهم كثير.
(٥) قال ابن المنذر: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ، إلَّا مَنْ شَذَّ عَنْهُمْ مِمَّنْ لَا يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ خِلَافًا، عَلَى أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا حَجَّ فِي حَالِ صِغَرِهِ، وَالْعَبْدَ إِذَا حَجَّ فِي حَالِ رِقِّهِ، ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَعَتَقَ الْعَبْدُ، أَنَّ عَلَيْهِمَا حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، إِذَا وَجَدَا إِلَيْهِمَا سَبِيلًا. «المغني» (٥/ ٤٤).
(٦) «التمهيد» (١/ ١٠٨).

<<  <   >  >>