للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما السُّنة، فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ ثُمَّ بَلَغَ الْحِنْثَ، فعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةً أُخْرَى، وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ ثُمَّ عُتِقَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةً أُخْرَى» (١).

وَجْه الدلالة: أن الحج لا يجزئه، وأنه إذا أُعْتِقَ بعد ذلك لزمته حجة الإسلام.

وقد ذهب القاسم بن محمد ومجاهد والظاهرية إلى أن العبد إذا حج ثم أُعْتِقَ، تُجْزئ


(١) ضعيف، أُعِلَّ بالوقف، ورُوي عن ابن عباس من طريقين:
الأول: طريق أبي ظَبْيَان:
ومدار هذا الطريق على شُعبة، عن الأعمش، عن أبي ظَبْيَان، عن ابن عباس.
واختُلف عن شُعبة في الرفع والوقف: فرواه محمد بن المِنهال عن يزيد بن زُرَيْع- عن شُعبة، به- مرفوعًا. أخرجه ابن خُزيمة (٣٠٥٠)، والطبراني في «الأوسط» (٢٧٣١) واللفظ له.
ورواه الحارث بن سُريج عن يزيد، به. أخرجه ابن عَدي (٤٠٨٦) وقال: وهذا الحديث معروف ب (محمد بن المنهال، عن يزيد بن زُرَيْع) وأظن أن الحارث بن سُرَيْج هذا سرقه منه، وهذا الحديث لا أعلم يرويه عن يزيد بن زُرَيْع غيرهما. ورواه ابن أبي عَدي وجماعة معه عن شُعبة موقوفًا.
ورواه ابن أبي عَدي عند ابن خُزيمة (٣٠٥٠)، وعبد الوهاب عند البيهقي (٨٦٨٨) عن شُعبة موقوفًا.
وأخطأ الحاكم حين أخرجه (١٧٩٢) من طريق أبي الوليد، ومحمد بن كَثير، قالا: ثنا شُعبة، به مرفوعًا وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
ولذا تَعَقَّبه البيهقي بقوله: تَفَرَّدَ بِرَفْعِهِ مُحَمَّدُ بْنُ المِنْهَالِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، عَنْ شُعْبَةَ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ شُعْبَةَ مَوْقُوفًا. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الأَعْمَشِ مَوْقُوفًا، وَهُوَ الصَّوَابُ. «السُّنن» (١٠/ ٢٧٤).
وصَحَّح ابن خُزيمة الموقوف، إذ قال: هَذَا، عِلْمِي، هُوَ الصَّحِيحُ بِلَا شَكٍّ. (٣/ ٤٩٠)
وقال الخطيب: لَمْ يَرْفَعْهُ إِلَّا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ شُعْبَةَ، وَهُوَ غَرِيبٌ. «تاريخ بغداد» (٩/ ١٠١).
الطريق الثاني: طريق أبي السَّفَر: فرواه مالك بن مِغْوَل، عن أبي السَّفَر قال: قال ابن عباس، به موقوفًا بلفظ: «أَيُّهَا النَّاسُ، أَسْمِعُونِي مَا تَقُولُونَ، وَافْهَمُوا مَا أَقُولُ لَكُمْ … » فذَكَره، أخرجه الشافعي (٩٤٠).
ولكن يُشْكِل عليه ما رواه ابن أبي شيبة (١٥١٠٥) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي ظَبيان، عن ابن عباس قال: «احفظوا عني ولا تقولوا: قال ابن عباس، أيما عبدٍ حَجَّ … » به.
قال ابن المُلَقِّن: وهذا ظاهر في رفعه، بل قطعي. وكذا قال في «البدر المنير» (٦/ ١٨).
وهذا اللفظ وهم، والصواب قوله: «أَسْمِعُونِي مَا تَقُولُونَ، وَافْهَمُوا مَا أَقُولُ لَكُمْ» فقَصَد ابن عباس أن يُفْهَم كلامه، ولا يزاد فيه ما ليس منه.
ومما يؤكد صحة الرواية الموقوفة: ما قاله البخاري: وقال أَبو ظَبيان وأبو السَّفَر، عن ابن عباس: «أَيُّما صَبِيٍّ حَجَّ … » وهذا المعروف عن ابن عباس. «التاريخ الكبير» (١/ ١٩٨).
وفي الباب: مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي «الْمَرَاسِيلِ» (١٣٤) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مُرْسَلًا، وَفِيهِ رَاوٍ مُبْهَمٌ.
وله شاهد عن جابر، أخرجه ابن عَدِيّ (٥٨٩٤) وفي إسناده حَرَام بن عثمان، قال الشافعي: الرِّوَايَةُ عَنْ حَرَامِ حَرَامٌ.

<<  <   >  >>