للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نَحَرَ قَبْلَهُ أَنْ يُعِيدَ بِنَحْرٍ آخَرَ، وَلَا يَنْحَرُوا حَتَّى يَنْحَرَ النَّبِيُّ (١).

ونوقش بما ورد عن البراء: «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَصْنَعُ أَنْ نَبْدَأَ بِالصَّلَاةِ، ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَنْحَرُ».

قال ابن حجر: فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الذَّبْحِ يَدْخُلُ بَعْدَ فِعْلِ الصَّلَاةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّأْخِيرُ إِلَى نَحْرِ الْإِمَامِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ لَمْ يَنْحَرْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُسْقِطًا عَنِ النَّاسِ مَشْرُوعِيَّةَ النَّحْرِ، وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، لَمْ يُجْزِئْهُ نَحْرُهُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ وَالنَّاسَ فِي وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ سَوَاءٌ (٢).

والراجح: أن أول وقت التضحية بعد صلاة العيد، ولا تجزئ قبل صلاة العيد؛ لعموم قول النبي : «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى».

المطلب الثالث: وقت الأضحية لغير أهل الأمصار:

يَبدأ وقت الأضحية لمن كان بمحل لا تُصلَّى فيه صلاة العيد، كأهل البوادي- بعد قدر فعل صلاة العيد. وهذا مذهب الحنابلة (٣).

المبحث الثاني: آخِر وقت التضحية:

أجمع العلماء على أن يوم العيد وقت لذبح الأضاحي (٤).

واختلفوا في نهاية وقت الأضاحي على أربعة أقوال:

القول الأول: أن أيام النحر أربعة: يوم النحر وثلاثة أيام بعده، فينتهي بغروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق. وهذا مذهب الشافعي، وقول للحنابلة (٥).


(١) مسلم (٢٠١٨).
(٢) «فتح الباري» (١٠/ ٢٢). وقال النووي: قَوْلُهُ: (فَأَمَرَهُمْ أَلَّا يَنْحَرُوا حَتَّى يَنْحَرَ النَّبِيُّ هَذَا مِمَّا يَحْتَجُّ بِهِ مَالِكٌ فِي أَنَّهُ لَا يُجْزِي الذَّبْحُ إِلَّا بَعْدَ ذَبْحِ الْإِمَامِ. وَالْجُمْهُورُ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ زَجْرُهُمْ عَنِ التَّعْجِيلِ الَّذِي قَدْ يُؤَدِّي إِلَى فِعْلِهَا قَبْلَ الْوَقْتِ؛ وَلِهَذَا جَاءَ فِي بَاقِي الْأَحَادِيثِ التَّقْيِيدُ بِالصَّلَاةِ، وَأَنَّ مَنْ ضَحَّى بَعْدَهَا أَجْزَأَهُ، وَمَنْ لَا فَلَا. «شرح النووي» (١٣/ ١١٨).
(٣) «شرح منتهى الإرادات» (١/ ٦٠٥)، و «كشاف القناع» (٣/ ٩).
(٤) قال ابن عبد البر: وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ يَوْمُ الْأَضْحَى، وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْأَضْحَى بَعْدَ انْسِلَاخِ ذِي الْحِجَّةِ، وَلَا يَصِحُّ. «الاستذكار» (٥/ ٢٤٦).
(٥) «الأم» (٣/ ٥٨٨)، و «الحاوي» (٤/ ٩٥٩)، و «المغني» (٥/ ٣٠٠).

<<  <   >  >>