للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا بالكتاب والسُّنة:

أما الكتاب، فعموم قوله تعالى: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ [الحج: ٢٨] والمراد بالأيام المعلومات: يوم العيد وأيام التشريق، التي فيها ذِكر الله وذبح بهيمة الأنعام.

وأما السُّنة، فعموم قول النبي : «كُلُّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ» (١).

ونوقش بأنه ضعيف، ولكن يَشهد لمعناه ما رواه مسلم: عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» (٢). وإذا كانت أيام التشريق الثلاثة أيام أكل وشرب، ففيها ذبح للهَدْي والأضاحي.

القول الثاني: أن أيام النحر ثلاثة أيام: يوم النحر ويومان بعده، فينتهي وقت النحر بغروب شمس ثاني أيام التشريق. وهو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة (٣).

واستدلوا لذلك بالقرآن والسُّنة والمأثور:

أما القرآن، فقوله تعالى: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ [الحج: ٢٨]. فالأيام المعلومات هي يوم النحر ويومان بعده.

قال القرطبي: ويدل على ذلك أن قوله تعالى: ﴿فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ﴾ [الحج: ٢٨] جَمْعُ قلة، لكن المُتيقَّن منه الثلاثة، وما بعد الثلاثة غير مُتيقَّن، فلا يُعْمَل به (٤).


(١) ضعيف، ويرويه عن جُبَيْر بن مُطْعِم جماعة:
الأول: رواه سليمان بن موسى عن جُبَيْر به، عند أحمد (١٦٧٥١)، وقد اضطرب فيه.
قال البخاري: «سُلَيْمَانُ لَمْ يُدْرِكْ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ». «العلل الكبير» للترمذي (ص: ١٠٢).
الثاني: رواه عبد الرحمن بن أبي حسين- وهو مجهول- عن جُبَيْر، به، عند ابن حِبان (٣٨٥٤).
الثالث: رواه نافع بن جُبير، عند الطبراني (١٥٨٣) وفي السند إليه سُويد بن عبد العزيز وهو ضعيف.
الرابع: رواه عمرو بن دينار، ولم يُدرِك جُبير بن مُطْعِم، عند الدارقطني (٤٧٥٨).
وله طرق وشواهد لا تخلو من مقال، ولا يصح الحديث بها، والله أعلم.
(٢) رواه مسلم (١١٤١).
(٣) «بدائع الصنائع» (٥/ ٦٥)، و «التمهيد» (٢٣/ ١٩٦)، و «المغني» (١٣/ ٣٨٦).
(٤) «تفسير القرطبي» (١٢/ ٤٣).

<<  <   >  >>