للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونوقش هذا الاستدلال بما قاله ابن القيم: «وَلِأَنَّ الثَّلَاثَةَ تَخْتَصُّ بِكَوْنِهَا أَيَّامَ مِنًى، وَأَيَّامَ الرَّمْيِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ، وَيَحْرُمُ صِيَامُهَا، فَهِيَ إِخْوَةٌ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ، فَكَيْفَ تَفْتَرِقُ فِي جَوَازِ الذَّبْحِ بِغَيْرِ نَصٍّ وَلَا إِجْمَاعٍ؟!» (١).

وأما السُّنة، فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ نَهَى أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ (٢).

وَجْه الدلالة: أَنَّ النَّبِيَّ نَهَى عَنِ الْأَكْلِ مِنَ النُّسُكِ فَوْقَ ثَلَاثٍ، وَلَوْ كَانَ اليَوْمُ الرَّابِعُ يَوْمَ ذَبْحٍ، لَكَانَ الذَّبْحُ مَشْرُوعًا فِي وَقْتٍ يَحْرُمُ فِيهِ الْأَكْلُ (٣).

ونوقش بأن هذا الحديث منسوخ، وفيه حث على الصدقة عند قلة لحوم الأضاحي، وعدم التأخر في الذبح إلى آخِر أيام التشريق، وعدم الادخار.

وأما المأثور، فقد صح عن ابن عمر قال: الأَضْحَى يَوْمَانِ بَعْدَ يَوْمِ الأَضْحَى (٤).

وروى ابن أبي شيبة: عَنْ أَنَسٍ قَالَ: الأَضْحَى يَوْمُ النَّحْرِ، وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ (٥).

القول الثالث: أن نهاية وقت الأضحية بغروب شمس يوم النحر (٦).

واستُدل بعموم قوله تعالى: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ [الحج: ٢٨] والمراد بالأيام المعلومات هو العَشْر الأُوَل.

قال ابن رُشْد: وَإِذَا كَانَ الْإِجْمَاعُ قَدِ انْعَقَدَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الذَّبْحُ مِنْهَا إِلَّا فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ،


(١) «زاد المعاد» (٢/ ٢٩١). قال الشافعي: «فَلَمَّا لَمْ يَحْظُرْ عَلَى النَّاسِ أَنْ يُضَحُّوا بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، لَمْ نَجِدِ الْيَوْمَ الثَّالِثَ مُفَارِقًا لِلْيَوْمَيْنِ قَبْلَهُ». «الأم» (٣/ ٥٨٩).
(٢) رواه مسلم (١٩٧٠). ورَوَى البخاري (٥٥٦٩) ومسلم (٢٠٢٩): عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ : «مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ، فَلَا يُصْبِحَنَّ بَعْدَ ثَالِثَةٍ وَبَقِيَ فِي بَيْتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ».
(٣) قال الباجي: وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ أَبَاحَ الْأَكْلَ مِنْهَا فِي أَيَّامِ الذَّبْحِ، فَلَوْ كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ مِنْهَا، لَكَانَ قَدْ حَرُمَ عَلَى مَنْ ذَبَحَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ. «المُنتقَى» (٣/ ٩٩)، و «المغني» (٥/ ٣٠٠).
(٤) إسناده صحيح: رواه مالك (١٣٩٩) عن نافع، به.
(٥) إسناده صحيح: رواه ابن أبي شيبة، كما في «المُحَلَّى» (٧/ ٣٧٧) عن وَكيع، عن شُعبة، عن قتادة، به.
(٦) وهو مروي عن ابن سيرين. «التمهيد» (٢٣/ ١٩٦).

<<  <   >  >>