للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَنَحْوِهِ. أَوْ لِلرِّجْلَيْنِ وَهُوَ الْخُفُّ وَنَحْوُهُ (١).

وأما الإجماع، فقد نَقَل غير واحد الإجماع على عدم جواز لُبس المُحْرِم للمَخيط (٢).

المطلب الثاني: مَنْ أَحْرَم بالمَخيط؛ لعَدَم حمله التصريح بالحج، فحجه صحيح لكنه يأثم بارتدائه المَخيط إن كان من غير عذر، وتجب عليه الفدية.

المطلب الثالث: حُكْم لبس المُحْرِم التُّبَّان (السروال القصير) لسَتْر العورة:

فإذا كان المُحْرِم يَعمل ويُكْثِر من التنقل ويَخشى من انكشاف عورته، فهل يَجوز له أن يَستر عورته بسروال قصير تحت الإزار أم لا؟ في هذا قولان للعلماء:

القول الأول: ذهب جماهير العلماء إلى أنه لا يَجوز لبس التُّبَّان تحت الإزار (٣).

واستدلوا بعموم قول النبي : «لَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ القَمِيصَ، وَلَا السَّرَاوِيلَ».

القول الآخَر: ذهب المالكية في رواية إلى جواز لبس السروال القصير إذا احتيج إليه.

واستدلوا بما ورد: عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا حَجَّتْ وَمَعَهَا غِلْمَانٌ لَهَا، وَكَانُوا إِذَا شَدُّوا رَحْلَهَا يَبْدُو مِنْهُمُ الشَّيْءُ، فَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يَتَّخِذُوا التَّبَابِينَ فَيَلْبَسُونَهَا، وَهُمْ مُحْرِمُونَ (٤).

وَجْه الدلالة: أن عائشة ترى جواز لباس سروال قصير تحت الإزار عند الحاجة.


(١) «شرح العمدة، كتاب الحج» (٢/ ٢١).
قال النووي: فَإِنَّهُ سُئِلَ عَمَّا يَلْبَسُهُ الْمُحْرِمُ، فَهو غَيْرُ مُنْحَصِرٍ، فَضُبِطَ الْجَمِيعُ بِقَوْلِهِ : لَا يَلْبَسُ كَذَا وَكَذَا. يَعْنِي وَيَلْبَسُ مَا سِوَاهُ. «شرح مسلم» (٨/ ٧٣).
(٢) نَقَل الإجماع على ذلك: ابن المنذر في «الإجماع» (ص: ٥٣)، وابن حزم في «مراتب الإجماع» (ص: ٤٢)، وابن رُشْد في «بداية المجتهد» (١/ ٣٢٦، ٣٢٧)، وابن قُدامة في «المغني» (٥/ ١١٩) وغيرهم.
وقد أَغْرَبَ الشوكاني فقال بجواز لُبس المَخيط الذي لم يَنص عليه الرسول في الأحاديث، فقال: والحاصل أن الصادق المصدوق قد بَيَّن أكمل بيان ما لا يَجوز للمُحْرِم لُبسه، فما عدا ذلك جاز له لُبسه، سواء كان مَخيطًا أو غير مَخيط. «السيل الجَرَّار» (ص: ٣١٥).
ونوقش بأن هذا القول ظاهر البطلان! وقد أَجْمَع العلماء على أن النبي نَصَّ على هذه الأشياء، وأَلْحِقَ بها ما في معناها.
(٣) «الدر المختار» (٢/ ١٦٣)، و «التاج والإكليل» (٣/ ١٤٢)، و «الحاوي» (٤/ ٩٧)، و «المغني» (٥/ ١١٩).
(٤) صحيح: أخرجه سعيد بن منصور كما في «تغليق التعليق» (٣/ ٥٠) من طريق القاسم عن عائشة، به.

<<  <   >  >>