للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الرابع: حُكْم الأضحية:

اختَلَف العلماء في وجوب الأضحية على المُوسِر على قولين:

القول الأول: أن الأضحية سُنة مُؤكَّدة. وهو إحدى الروايتين عن أبي يوسف، والمشهور عند المالكية، والشافعية والحنابلة (١).

واستدلوا بالسُّنة والمأثور:

أما السُّنة، فَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا» (٢).

وَجْه الدلالة: أنه عَلَّق الأضحية بالإرادة، والواجب لا يُعَلَّق بالإرادة ولا يُخيَّر فيه.

وَعَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ أَمَرَ بِكَبْشٍ … لِيُضَحِّيَ بِهِ … فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قَالَ: «بِاسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ» (٣).

وَجْه الدلالة: أن تضحيته عن أمته وعن أهله- تجزئ عن كل مَنْ لم يُضَحِّ.

وأما المأثور، فَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْدٍ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَمَا يُضَحِّيَانِ عَنْ أَهْلِهِمَا؛ خَشْيَةَ أَنْ يُسْتَنَّ بِهِمَا (٤).

وَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيُّ: إِنِّي لَأَدَعُ الأَضْحَى وَإِنِّي لَمُوسِرٌ؛ مَخَافَةَ أَنْ يَرَى جِيرَانِي


(١) «مواهب الجليل» (٤/ ٣٦٢)، و «الحاوي» (١٥/ ١٦١)، و «كشاف القناع» (٣/ ٢١).
(٢) أخرجه مسلم (٢٠٣٣).
(٣) رواه مسلم (١٩٦٧).
(٤) صحيح: أخرجه وكيع في «أخبار القضاة» (٣/ ٤١)، وعبد الرزاق (٨٢٨٧) من طرق عن الشَّعْبي، به.

<<  <   >  >>