للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«بِاسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ» ثُمَّ ضَحَّى بِهِ (١).

قال الخَطَّابي: وفي قوله: «تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ» دليل على أن الشاة الواحدة تجزئ عن الرجل وأهله، وإِنْ كَثُروا (٢).

وروى البخاري: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ، وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ ، وَذَهَبَتْ بِهِ أُمُّهُ زَيْنَبُ بِنْتُ حُمَيْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَايِعْهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ : «هُوَ صَغِيرٌ» فَمَسَحَ رَأْسَهُ وَدَعَا لَهُ، وَكَانَ يُضَحِّي بِالشَّاةِ الوَاحِدَةِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِهِ (٣).

وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ قَالَ: كُنَّا نُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ، يَذْبَحُهَا الرَّجُلُ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ بَعْدُ، فَصَارَتْ مُبَاهَاةً (٤).

فالحاصل: أن الشاة الواحدة تُجْزئ في الأضحية عن الرجل وأهل بيته.

المطلب الثالث: الاستنابة في ذبح الأضحية.

يَجوز للمضحي أن يستنيب في ذبح أضحيته، إذا كان النائب مسلمًا، دل على ذلك أن النبي نَحَر ثلاثًا وستين بيده، ثم أَعْطَى عليًّا، فنَحَر ما بقي من المِائة.

قال ابن عبد البر: وَجَائِزٌ أَنْ يَنْحَرَ الهَدْيَ وَالضَّحَايَا غَيْرُ صَاحِبِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ نَحَرَ بَعْضَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ ؟ وَهُوَ أَمْرٌ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي إِجَازَتِهِ (٥).


(١) مسلم (٢٠٢١).
(٢) «معالم السُّنن» (٢/ ٢٢٨).
(٣) البخاري (٧٢١٠).
(٤) صحيح موقوفا: ومداره علي عُمارة بن صَيَّاد، عن عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ، عن أَبَي أَيُّوبَ واختلف عنه؛
فرواه مالك في «الموطأ» (١٣٩٦) عن عُمارة بن صَيَّاد، موقوفا به.
ورواه الضَّحَّاك بْن عُثْمَانَ عن عُمَارة به مرفوعًا عند الترمذي (١٥٠٥)، بلفظ: كَيْفَ كَانَتِ الضَّحَايَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ؟ فَقَالَ: إِنْ كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ.
ومدار الرواية المرفوعة علي الضَّحَّاك بْن عُثْمَانَ، وهو مختلف فيه، وقد خالفه مالك فالموقوف أصح.
(٥) «التمهيد» (٢/ ١٠٧)، و «الاستذكار» (٤/ ٣٠٨).

<<  <   >  >>