للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث التاسع: مَنْ لم يجد الهَدْي: وفيه سبعة مطالب:

المطلب الأول: حُكْم مَنْ لم يَقدر على الهَدْي:

الواجب على المتمتع أو القارن هو ما استيسر من الهَدْي، شاة أو سُبْع بدنة. فإِنْ عَجَز أحدهما عن الهَدْي، صام عَشَرة أيام: ثلاثة في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله.

قال تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٦].

وعن ابن عمر ، أن رسول اللهِ قال: « … فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا، فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ، وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ».

قال ابن قُدامة: لَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا فِي أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ إذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ يَنْتَقِلُ إِلَى صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ، تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ (١).

وأَجْمَع العلماء على جواز صيام يوم عرفة لمَن لم يجد الهَدْي (٢).

المطلب الثاني: وَقْت ابتداء صيام الثلاثة أيام في الحج لمن لم يجد الهَدْي.

أَجْمَع العلماء على إجزاء الصيام، إذا صام بعد إحرامه بالحج، وقبل يوم النحر (٣).

واختلفوا في وقت ابتداء صيام الثلاثة أيام في الحج على ثلاثة أقوال (٤):

القول الأول: المتمتع إذا لم يجد الهَدْي له أن يبتدئ صيام الثلاثة إذا انتهى من عمرته. وكذا القارن إذا انتهى من طواف القدوم والسعي، فله أن يبتدئ الصيام. وهذا مذهب


(١) «المغني» (٥/ ٣٦٠). ونَقَل الإجماع على ذلك: ابن المنذر في «الإجماع» (ص: ٥٦)، وابن عبد البر في «التمهيد» (٨/ ٣٤٩)، وابن رُشْد في «بداية المجتهد» (٢/ ١٣٢)، والقرطبي في «تفسيره» (٢/ ٤٠١).
(٢) «تفسير القرطبي» (٢/ ٣٩١). وقال ابن عبد البر: «وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ جَائِزٌ صِيَامُهُ لِلْمُتَمَتِّعِ، إِذَا لَمْ يَجِدْ هَدْيًا». «التمهيد» (٢١/ ١٦٤).
(٣) قال الماوردي: أَنْ يَصُومَ بَعْدَ إِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ، فَيُجْزِيهِ ذَلِكَ بِإِجْمَاعٍ. «الحاوى» (٤/ ١٠٨).
وقال ابن عبد البر: وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامِ إِنْ صَامَهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، فَقَدْ أَتَى بِمَا يَلْزَمُهُ. «الاستذكار» (٤/ ٤١٣).
وقال ابن تيمية: فَأَمَّا الصَّوْمُ بَعْدَ إِحْرَامِ الْحَجِّ، فَمُجْمَعٌ عَلَيْهِ. «شرح العمدة» (٢/ ٣٣٧).
(٤) قال الكاساني: فَمَنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ، فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُمْ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ، بِلَا خِلَافٍ. «بدائع الصنائع» (٢/ ١٧٣).

<<  <   >  >>