للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث السابع: مس طِيب الكعبة:

مَسُّ طِيب الكعبة لا يخلو من حالين:

الأول: أن المُحْرِم إذا مس طِيب الكعبة قاصدًا التلذذ به، فتجب عليه الفدية؛ لقوله : «لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ وَلَا زَعْفَرَانٌ» فالمُحْرِم ممنوع من مس الطِّيب.

الثاني: أن المُحْرِم إذا مس طِيب الكعبة من غير قصد، فهذا لا شيء عليه.

تنبيه: إن من الإساءة العظيمة وَضْع الطِّيب على الحَجَر الأسود؛ لأنه سوف يَحْرِم المُحْرِمَ من استلام الحجر الأسود؛ لوجود الطِّيب. ولأنه لو استلمه لوقع في محظور من محظورات الإحرام، وهو مس الطِّيب. وكلاهما عُدْوان على الطائفين المُحْرِمين (١).

المبحث الثامن: حُكم شم الطِّيب للمُحْرِم:

ذهب جماهير العلماء إلى أن شم الطِّيب كالمسك والكافور والعنبر والعود، بغير قصد- لا يوجب الفدية.

واختلفوا على قولين في شم المسك والعود قصدًا دون استعماله:

الأول: أنه يُكْرَه تَعمُّد شم الطِّيب، كالمسك والكافور والعنبر والعود؛ لأن الأدلة مَنَعَتْ المُحْرِم من استعمال الطِّيب في البدن والثوب، وليس مجرد الشم. وهو مذهب الحنفية، وظاهر مذهب المالكية، وقول للشافعية، وقول ابن حامد من الحنابلة (٢).

واستدلوا بعموم قول النبي للصحابة عند تغسيل مُحْرِم: « … وَلَا تُمِسُّوهُ طِيبًا» فالمراد بالمنع عدم وضع الطِّيب في الثوب والبدن وليس الشم؛ إذ الميت لن يشم الطِّيب.

القول الآخَر: أنه يَحرم تَعمُّد شم الطِّيب، وتجب فيه الفدية. وهو قول للمالكية، وقول للشافعية، ومذهب الحنابلة (٣).

واستدلوا بأن القصد من منع المُحْرِم من الطِّيب هو ترك الترفه والتلذذ، والتلذذ يكون


(١) «الشرح الممتع» (٧/ ١٤٠).
(٢) «المبسوط» (٤/ ١٢٣)، و «المدونة» (١/ ٣٤١)، و «المجموع» (٧/ ٢٧١)، و «الإنصاف» (٣/ ٤٧٣).
(٣) «حاشية الدسوقي» (٢/ ٥٩)، و «الأم» (٢/ ١٥٢)، و «المغني» (٥/ ١٥٠).

<<  <   >  >>