للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع: هل يجزئ التقصير عن الحلق؟]

أَجْمَع العلماء على أن مَنْ حلق شعر رأسه أو قَصَّره، فقد أدى النسك (١).

المبحث الخامس: الأفضل في حلق الرأس: الحلق أم التقصير؟

حَلْق جميع الرأس أفضل من تقصيره، بالكتاب والسُّنة والإجماع والمعقول.

أما الكتاب، فاستُدل بظاهر قوله تعالى: ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ﴾ [الفتح: ٢٧].

وَجْه الدلالة: أن الله ﷿ بدأ بالحَلْق، والعَرَب تَبدأ بالأهم والأفضل.

وأما السُّنة، فعن ابن عمر ، أن رسول الله حَلَق رأسه في حَجة الوداعِ (٢)


(١) قال النووي: وَالْحَلْقُ وَالتَّقْصِيرُ ثَابِتَانِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُجْزِئُ بِالْإِجْمَاعِ. «المجموع» (٨/ ١٩٩). ونَقَله ابن المنذر في «الإشراف» (٣/ ٣٥٥)، وابن حجر في «فتح الباري» (٣/ ٥٦٤).
(٢) رواه البخاري (٤٤١٠)، ومسلم (١٣٠٤).
ولكن يُشْكِل على هذا أن الرسول قَصَّر شعره في حجة الوداع، فَعَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: «قَصَّرْتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ عِنْدَ الْمَرْوَةِ، بِمِشْقَصٍ فِي حَجَّتِهِ» صحيح دون قوله: (في حجته) فهو منكر.
ومدار الحديث على ابن عباس، عن معاوية، ويرويه عن ابن عباس ثلاثة:
الأول: طاوس، واختُلف عليه، فرواه أحمد بن حنبل، عند الطبراني (١٩/ ٣٠٩)، وأحمد بن منصور الرمادي، كما في «الأمالي في آثار الصحابة» لعبد الرزاق (١٤١)، والحسن بن علي، عند أبي داود (١٨٠٣) ثلاثتهم عن عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن ابن طاوس، عن طاوس، به.
وخالفهم مَخْلَد بن خالد، و الذُّهْلي، عند أبي داود (١٨٠٣)، عن عبد الرزاق، بدون لفظة: (في حجته).
ويَظهر أن هذه الزيادة مِنْ قِبل عبد الرزاق، فقد رواها عنه ثلاثة من الثقات.
ورواه: الحسن بن مسلم، عند البخاري (١٧٣٠)، ومسلم (١٢٤٦) وهشام بن حُجَيْر عند مسلم (١٢٤٦) كلاهما عن طاوس، به، ولم يَذكرا في حديثهما: (في حجته).
الثاني: عطاء، فرواه قيس بن سعد، عن عطاء، عن معاوية قال: أَخَذْتُ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِ رَسُولِ اللهِ بِمِشْقَصٍ كَانَ مَعِي، بَعْدَ مَا طَافَ بِالبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، فِي أَيَّامِ العَشْرِ. قَالَ قَيْسٌ: وَالنَّاسُ يُنْكِرُونَ هَذَا عَلَى مُعَاوِيَةَ، عند النَّسَائي (٢٩٨٩)، وأحمد (١٦٨٣٦).
وفي إسناده ثلاث علل:
الأولى: الانقطاع بين عطاء ومعاوية؛ فبينهما ابن عباس.
الثانية: أنه من رواية حماد بن سلمة عن قيس بن سعد، وهي ضعيفة.
الثالثة: رواه خُصَيْف عن مجاهد وعطاء به، بدون لفظة: (في حجته) عند أحمد (١٦٨٦٣). =

<<  <   >  >>