للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَجْه الدلالة: أن الله ﷿ لم يَذكر بديلًا للهَدْي؛ وأنه لما سكت الله ﷿ عن الصيام في الإحصار، وأوجبه في التمتع لمن عدم الهَدْي، دل على أن مَنْ لم يجد الهَدْي من المُحْصَرين ليس عليه شيء، فيَحل بدون شيء.

الدليل الثاني: أن الظاهر من حال كثير من الصحابة أنهم فقراء، ولم يُنقل أن النبي أَمَرهم بالصيام، والأصل براءة الذمة (١).

الفرع الخامس: الأكل من هَدْي الإحصار:

اختَلف أهل العلم في ذلك على قولين:

القول الأول: أنه لا يَجوز للمُهْدِي أن يأكل من هَدْي الإحصار. وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة (٢).

واستدلوا بأن دم الإحصار دم جُبران، فلا يؤكل منه، بخلاف دم النسك، كدم التمتع.

القول الآخَر: أنه يَجوز للمُهْدِي أن يأكل من هَدْي الإحصار؛ لأن النبي أَكَل من هدي القِران. وبه قال المالكية، وهو رواية عند الحنابلة (٣).

واعتُرض عليه بأن هذا قياس مع الفارق؛ لأن دم الإحصار دم جُبران، فيؤكل منه، بخلاف دم القِران فإنه يؤكل منه لأنه دم نسك.

المطلب الثالث: الحَلْق أو التقصير:

الحلق أو التقصير واجب لتحلل المُحْصَر من الإحرام؛ لأن النبي حَلَق، وأَمَر أصحابه أن يَحلقوا بالحُديبية. وهو مذهب بعض الحنفية والمالكية، والأظهر عند الشافعية، وقول عند الحنابلة (٤).


(١) «الأم» (٣/ ٢٩٨)، و «الشرح الممتع» (٧/ ١٨٤).
(٢) «البحر الرائق» (٣/ ٧٦)، و «الأم» (٣/ ٥٦٧).
وقال ابن قُدامة: الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْ هَدْيِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، دُونَ مَا سِوَاهُمَا. «المغني» (٥/ ٤٤٤).
(٣) «المُدوَّنة» (١/ ٤١٠)، و «المغني» (٥/ ٤٤٥).
(٤) «شرح المعاني» (٢/ ٢٥٢)، و «الاستذكار» (٤/ ٣١٣)، و «المجموع» (٨/ ٢٨٦)، و «كشاف القناع» (٢/ ٥٢٦).

<<  <   >  >>