للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السُّنة الخامسة: الدفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس.

يُستحب أن يَدفع الحاج من مزدلفة قبل طلوع الشمس، بالإجماع. (١).

وفي حديث جابر، وفيه: «حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ … فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ».

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ يَقُولُ: شَهِدْتُ عُمَرَ صَلَّى بِجَمْعٍ الصُّبْحَ، ثُمَّ وَقَفَ فَقَالَ: «إِنَّ المُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يُفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَيَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ. وَأَنَّ النَّبِيَّ خَالَفَهُمْ ثُمَّ أَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ» (٢).

السُّنة السادسة: الإسراع في وادي مُحَسِّر.

ويُستحب الإسراع في وادي مُحَسِّر. وهذا باتفاق المذاهب الأربعة (٣).

فقد روى مسلم في حديث جابر: «حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ، فَحَرَّكَ قَلِيلًا، ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى».

قال النووي: قَوْلُهُ: (حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ فِيلَ أَصْحَابِ الفِيلِ حُصِرَ فِيهِ، أَيْ: أَعْيَا فِيهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: (فَحَرَّكَ قَلِيلًا) فَهِيَ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ السَّيْرِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، يُسْرِعُ الْمَاشِي فِي وَادِي مُحَسِّرٍ، وَيَكُونُ ذَلِكَ قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ (٤).

وعن ابن عمر، أَنَّه كَانَ يُحَرِّكُ رَاحِلَتَهُ فِي بَطْنِ مُحَسِّرٍ، قَدْرَ رَمْيَةٍ بِحَجَرٍ (٥).

فينبغي للمار في وادي مُحَسِّر الاعتبار بما أصاب أصحاب الفيل، وأن يُسْرِع.


(١) قال ابن قُدامة: لَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّ السُّنَّةَ الدَّفْعُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يَفْعَلُهُ «المغني» (٥/ ٢٨٦). قال ابن عبد البر: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ وَقَفَ بِالمَشْعَرِ الحَرَامِ بَعْدَ مَا صَلَّى الْفَجْرَ، ثُمَّ دَفَعَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. «الاستذكار» (٤/ ٢٩٢).
(٢) رواه البخاري (١٦٨٤).
(٣) «البحر الرائق» (٢/ ٣٦٨)، و «الاستذكار» (٤/ ٢٩٧)، و «المجموع» (٨/ ١٢٥)، و «المغني» (٣/ ٣٧٨).
(٤) «شرح مسلم» (٨/ ١٩٠).
(٥) إسناده صحيح: أخرجه مالك في «الموطأ» (١١٦٥) عن نافع، به.

<<  <   >  >>