للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الرابع: إعطاء الجزار من الأضحية ثمنًا لذبحه:

لا يَجوز إعطاء الجزار من الأضحية ثمنًا لذبحه. وهذا قول المذاهب الأربعة (١).

ودل على التحريم ما ورد في «الصحيحين»: عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ أَمَرَهُ أَنْ يَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَنْ يَقْسِمَ بُدْنَهُ كُلَّهَا، لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا وَجِلَالَهَا، وَلَا يُعْطِيَ فِي جِزَارَتِهَا شَيْئًا (٢).

قال ابن قُدامة: وَلِأَنَّ مَا يَدْفَعُهُ إِلَى الْجَزَّارِ أُجْرَةً عِوَضٌ عَنْ عَمَلِهِ وَجِزَارَتِهِ، وَلَا تَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ بِشَيْءٍ مِنْهَا. فَأَمَّا إِنْ دَفَعَ إلَيْهِ لِفَقْرِهِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ الْهَدِيَّةِ، فَلَا بَأْسَ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلْأَخْذِ، فَهُوَ كَغَيْرِهِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَهَا وَتَاقَتْ نَفْسُهُ إِلَيْهَا (٣).

المطلب الخامس: لا تُشْرَع الأضحية استقلالًا عن الميت.

قد أجاز بعض العلماء الأضحية عن الميت قياسا علي الصدقة، ومنعها آخرون؛

لأنه لم يَرِد عن النبي ولا عن الصحابة- أنهم ضَحَّوْا عن الأموات استقلالًا؛ فالأضحية عبادة، ولا تُفْعَل إلا بتوقيف وهو مذهب الشافعية، وكَرِهها المالكية (٤).

•١•


(١) «بدائع الصنائع» (٥/ ٧٩)، «الشرح الكبير» (٢/ ١٢٤)، «الحاوي» (١٥/ ١٢٠)، «المغني» (٩/ ٤٥٠).
(٢) البخاري (١٧١٧)، ومسلم (١٣١٧).
(٣) «المغني» (١٣/ ٣٨٢). قال الحافظ: وَأَمَّا إِذَا أُعْطِيَ أُجْرَتَهُ كَامِلَةً، ثُمَّ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ فَقِيرًا كَمَا يَتَصَدَّقُ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ … بِشَرْطِ لِئَلَّا تَقَعَ مُسَامَحَةٌ فِي الْأُجْرَةِ؛ لِأَجْلِ مَا يَأْخُذُهُ فَيَرْجِعُ إِلَى الْمُعَاوَضَةِ. «فتح الباري» (٣/ ٥٥٦).
(٤) «مواهب الجليل» (٤/ ٣٧٧)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٩٢) و «الشرح الممتع» (٧/ ٤٢٣).

<<  <   >  >>