للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذا لا يجزئ الإطعام في عرفة، والطائف، والشرائع، أو غيرها من الحِل.

فالحاصل: أن الهَدْي- وهو ما يُهْدَى إلى الحَرَم، من الأنعام - يُذبَح في مكة، ويُوزَّع على فقراء الحَرَم. وما كان بدلًا عنه من الإطعام يختص به فقراء الحَرَم المكي.

[المطلب التاسع: موضع الصيام]

يَجوز الصيام في أي موضع، بالكتاب والإجماع والمعقول:

أما الكتاب، فاستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا﴾ [المائدة: ٩٥].

أما الإجماع، فنَقَل ابن عبد البر وغيره الإجماع على جواز الصيام في أي مكان (١).

وأما المعقول، فإن الصوم عبادة تختص بالصائم، لا يتعدى نفعها؛ فلا يُشترَط لها مكان بعينه، بخلاف الهَدْي والإطعام، فإِنَّ نَفْعه يَتَعَدَّى إلى مَنْ يُعطاه، فخُصّ بأهل الحَرَم.

[المطلب العاشر: التتابع في الصيام]

لا يُشترط التتابع في الصيام بالكتاب والإجماع.

أما الكتاب، فاستدلوا بقوله تعالى: ﴿أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا﴾ [المائدة: ٩٥].

فالصيام أُطْلِقَ، ولم يُقيَّد بشيء، فدل ذلك على أنه لا يُشترَط فيه التتابع.

وأما الإجماع، فقد نَقَل النووي الإجماع على جواز تفريق الصيام (٢).

المطلب الحادي عشر: تَكرار المحظور لا يخلو من ثلاث حالات:

الحال الأولى: إذا كَرَّر محظورًا من جنس واحد، في أوقات مختلفة:

اختَلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: إذا كَرَّر محظورًا من جنس واحد، في أوقات مختلفة، لَبِس ثم لَبِس أو تَطيَّب ثم تَطيَّب فلا تجب عليه إلا كفارة واحدة، ما لم يُكفِّر عن الأول. وبه قال محمد بن


(١) قال ابن عبد البر: فَلَا خِلَافَ فِي الصِّيَامِ أَنْ يَصُومَ حَيْثُ شَاءَ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الْحَرَمِ وَلَا لِأَهْلِ مَكَّةَ. «الاستذكار» (٤/ ٢٧٢). وكذا نَقَل الإجماع ابن قُدامة في «المغني» (٥/ ٤٥٤).
(٢) قال النووي: الصَّوْمُ الْوَاجِبُ يَجُوزُ مُتَفَرِّقًا وَمُتَتَابِعًا، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. «المجموع» (٧/ ٤٣٨).

<<  <   >  >>