للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثامن: مَنْ تَرَك المبيت بمزدلفة خَشية فوات الرفقة:

لا بد أن يُفَرَّق في هذه المسألة بين حالين:

الأول: مَنْ انصرف مع الضَّعَفة من النساء والشيوخ الكبار والصبيان ونحوهم، ومَن يكون معهم للقيام بمصالحهم بعد أن باتوا معظم الليل، فلا بأس بذلك ولا شيء عليهم.

الثاني: أن يوجد في الحَمْلة الواحدة العدد الكبير من الأقوياء الذين لا يَحتاج إليهم الضَّعَفة، الأفضل لهم البقاء بعد طلوع الفجر، وأما إن لم يستطع باقي الأقوياء المكث في مزدلفة خَشية الضياع والإرهاق، فهنا يَجوز انصرافهم جميعًا؛ لأن في تفرقهم مشقة عليهم.

وينبغي للمسئولين عن الحَمَلات أن يخصصوا سيارة للضعفاء، فتنصرف بعد ذَهاب معظم الليل. وأن يُخصِّصوا سيارة للأقوياء، أو يكون معهم مرشد ويركبون القطار، ولا ينصرفون من مزدلفة إلا قُبيل طلوع الشمس تأسيًا برسول الله .

المبحث التاسع:

حُكْم المرور بالمزدلفة فقط دون توقف، أو الرجوع إليها مرة أخرى:

لا يخلو الأمر من حالين:

الأول: أن يكون مَنْ مر فقط معذورًا بفعله؛ وذلك لعَدَم قدرته على التوقف لأنه مُنع منه، أو عَدَم قدرته على الرجوع بعد أن خرج منها، فالمعذور يكفيه المرور، ولا يجب عليه دم في ذلك، في قول عامة أهل العلم (١).

الثاني: أن لا يكون معذورًا بمروره ذلك، بل مروره لمجرد التعجل فحَسْب للوصول إلى مِنًى؛ فهذا قد تَرَك واجبًا، وهو مبيت الليل أو معظمه، فيَلزمه دم، والله أعلم.

المبحث العاشر: فوات الوقوف بالمزدلفة: وفيه مطلبان:

المطلب الأول: الوقت الذي يَفوت به الوقوف بالمزدلفة.

قال ابن عبد البر: أَجْمَعُوا أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَدْ فَاتَ وَقْتُ الْوُقُوفِ


(١) «فتاوى اللجنة الدائمة» (١١/ ٢١٤).

<<  <   >  >>