للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول: نَقْل الهَدْي إلى خارج الحَرَم:

وفيه مطلبان:

المطلب الأول: نَقْل الدم الواجب إذا عُدم المساكين في الحَرَم:

مما لا شك فيه أن أعداد الحُجاج قد زادت بصورة غير مسبوقة، فتُذبح الملايين من الهَدْي والدم الواجب، وعدد فقراء الحرم قليل، فإذا أُعطيَ فقراء الحَرَم من هذه اللحوم حاجتهم، وهم ليسوا بالكثير، فستَبقى الملايين من الهَدْي، فهل يَجوز نقل المتبقي من الهَدْي والدم الواجب إلى خارج الحَرَم أم لا؟

لأهل العلم في ذلك قولان:

القول الأول: يَجوز تفرقة لحم الهَدْي خارج الحَرَم. وبه قال الحنفية والمالكية (١).

واستدلوا بالكتاب والسُّنة:

أما الكتاب، فاستدلوا بقوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: ٢٨].

فلم يَخص فقيرًا دون فقير، فجاز التصدق على كل فقير نظرًا لإطلاق النص.

ونوقش بأن هذا النص المُطْلَق مُقيَّد بالحَرَم؛ لقوله تعالى: ﴿هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ [المائدة: ٩٥].

وأجيب بأن محلها إلى البيت في الذبح، أما التوزيع فإن النص لم يُحدِّد هَدْي التمتع ولا القِران، فيبقى مطلقًا؛ ولذا يَجوز توزيع هَدْي التمتع والقِران خارج الحَرَم.

وأما السُّنة، فعن جابر قال: كُنَّا لَا نَأْكُلُ مِنْ لُحُومِ بُدْنِنَا فَوْقَ ثَلَاثِ مِنًى، فَأَرْخَصَ لَنَا رَسُولُ اللهِ فَقَالَ: «كُلُوا وَتَزَوَّدُوا» ولا شك أن التزود يكون للسفر، وهو خارج الحَرَم. فدل ذلك على جواز نقل لحوم الهَدْي خارج الحَرَم.

القول الآخَر: لا يَجوز تفرقة لحم الهَدْي خارج الحَرَم. وبه قال الشافعية والحنابلة (٢).

واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ [المائدة: ٩٥] وقوله تعالى: ﴿مَحِلُّهَا إِلَى


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٧٤)، و «المُنتقَى» (٣/ ١٤)، و «مواهب الجليل» (٣/ ١٩٣).
(٢) «المجموع» (٧/ ٤٩٨)، و «مَطالب أُولِي النُّهَى» (٢/ ٣٦٥).

<<  <   >  >>