للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الخامس:

أنواع السعي في الحج: وفيه مبحثان:

المبحث الأول: سَعْي المُفْرِد والقارن:

على المُفْرِد والقارن سعي واحد للنسك، يقع بعد طواف القدوم، ولهما تأخيره إلى ما بعد طواف الإفاضة.

المبحث الثاني: سَعْي المتمتع:

اتفقوا على أن المتمتع يَلزمه سعي لعمرته، واختلفوا هل يَلزمه سعي ثانٍ؟ على قولين:

القول الأول: ذهب عامة العلماء إلى أن على المتمتع سعيين: سعيًا لعمرته، وسعيًا لحجته بعد طواف الإفاضة (١).

لِما ورد عن عائشة، وفيه قالت: «فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى لِحَجِّهِم، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا» (٢).


(١) «فتح القدير» (٣/ ٦)، و «التمهيد» (٨/ ٣٥١)، و «شرح مسلم» (٨/ ١٦١)، و «شرح العمدة» (٢/ ٥٦٤).
(٢) ومدار الحديث على الزُّهْري، عن عُروة بن الزبير، عن عائشة. واختُلف عنه: فرواه مالك عند البخاري (١٥٥٦)، ومسلم (١٢١١) وزاد فيه: (فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ … ).
ورواه سائر أصحاب الزُّهْري، فلم يَذكروا هذه الزيادة، منهم عُقَيْل عند البخاري (٣١٩)، ومسلم (١٢١١)، وإبراهيم بن سعد عند البخاري (٣١٦)، وابن عُيينة ومَعْمَر عند مسلم (١٢١١) وغيرهم.
ورواه هشام بن عروة وأبو الأسود عند البخاري (٣١٧، ١٥٦٢)، ومسلم (١٢١١) كلاهما عن عروة، فلم يَذكرا هذه الزيادة، وكذا رواه القاسم وعَمْرة والأسود عند البخاري (١٥٦١، ١٦٥٠، ١٧٠٩) ومسلم (١٢١١). وابن أبي مُلَيْكة عند البخاري (٢٩٨٤). وطاوس ومجاهد وذَكْوان وصفية بنت شيبة عند مسلم (١٢١١) جميعًا عن عائشة، فلم يَذكروا هذه الزيادة.
وقال أحمد: لم يقل هذا أحد إلا مالك. وقال: ما أظن مالكًا إلا غلط فيه، ولم يجئ به أحد غيره. وقال مرة: لم يروه إلا مالك، ومالك ثقة. ولعل أحمد إنما استنكره لمخالفته للأحاديث، في أن القارن يطوف طوافًا واحدًا. قال ابن رجب: ولعل أحمد إنما استنكره لمخالفته للأحاديث، في أن القارن يطوف طوافًا واحدًا. «شرح علل الترمذي» (٢/ ٦٥٤).
وقد أشار أبو داود بعد إخراجه لهذه اللفظة (١٧٨١) إلى إعلالها بقوله: رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَمَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ نَحْوَهُ، لَمْ يَذْكُرُوا طَوَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِعُمْرَةٍ، وَطَوَافَ الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ.
وقال ابن تيمية: فَإِنَّ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ يَعْلَمُونَ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ- هِيَ مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ، لَيْسَتْ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ. «الفتاوى» (٢٦/ ٤١).

<<  <   >  >>