للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِالعَقِيقِ- أَنْ صَلِّ فِي هَذَا الوَادِي المُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ».

وَجْه الدلالة: أن النبي أَهَلَّ بالحج مُفْردًا أولًا، ثم أُمِرَ أن يُدخِل العمرة على الحج، فصار قارنًا، وهذا يدل على جواز إدخال العمرة على الحج (١).

واستدلوا بأنه إذا كان يَجوز إدخال الحج على العمرة، فيَجوز إدخال العمرة على الحج؛ لأنه أحد النُّسكين.

القول الآخَر: لا يصح إدخال العمرة على الحج، فإِنْ فَعَل لم يَلزمه، ويتمادى على حجه مُفرَدًا. وبه قال المالكية، والشافعي في الجديد، والحنابلة (٢).

واستدلوا بما ورد عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ حَجَّ مَعَ النَّبِيِّ ، وَقَدْ أَهَلُّوا بِالحَجِّ مُفْرَدًا، فَقَالَ لَهُمْ: «أَحِلُّوا مِنْ إِحْرَامِكُمْ بِطَوَافِ البَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَقَصِّرُوا، ثُمَّ أَقِيمُوا حَلَالًا، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَأَهِلُّوا بِالحَجِّ، وَاجْعَلُوا الَّتِي قَدِمْتُمْ بِهَا مُتْعَةً» (٣).

فَفِي أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ أَصْحَابَهُ أَنْ يَفْسَخُوا حَجَّهُمْ فِي عُمْرَةٍ- أَوْضَحُ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِدْخَالُ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَمْ يُؤْمَرُوا بِفَسْخِ الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ (٤).

واستدلوا بأن العُمْرة أَضْعَفُ مِنْ الحج، ولا يصح إدخال الأصغر على الأكبر (٥).

واعتُرض عليه بأن قولهم: (لا يصح إدخال الأصغر على الأكبر) مجرد قياس، وفيه نظر؛ فإن النبي قال «دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ» فلا مانع من ذلك، والله أعلم.

[المطلب الثالث: ما يجب على القارن من الطواف والسعي]

اختَلف أهل العلم في ذلك على قولين:

القول الأول: أن عَمَل القارن والمُفرِد واحد، والفارق بينهما أن القارن يَلزمه الهَدْي مع نية القِران، فالقارن يكفيه طواف واحد، وهو طواف الإفاضة، وسَعْي واحد لعمرته


(١) «مرعاة المفاتيح» (٨/ ٤٥٩).
(٢) «التمهيد» (٨/ ٢٣٠)، و «المجموع» (٧/ ١٧٣)، و «المغني» (٣/ ٤٢٣).
(٣) رواه البخاري (١٥٦٨)، ومسلم (١٢١٦).
(٤) «التمهيد» (٢٣/ ٣٦٥).
(٥) «الحاوي» (٤/ ٣٨).

<<  <   >  >>