للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التمهيد: السُّنة في المبيت بمزدلفة

فالسُّنة المبيت بمزدلفة وصلاة الفجر بها، ثم الدعاء والتكبير والتهليل بها، ويَدفع إلى مِنًى لرمي الجمار قبل طلوع الشمس، فهذا الأَوْلَى والأكمل وهو الاتباع لسُنة النبي .

السُّنة الأولى: أن يَجمع في مزدلفة بين صلاتَي المغرب والعشاء

وفيه أربعة مباحث:

المبحث الأول: هيئة الجَمْع، وصفة الأذان والإقامة للمغرب والعشاء بمزدلفة.

فالسُّنة أن يَجمع الحاج بمزدلفة بين المغرب والعشاء جَمْع تأخير، بالإجماع (١).

ففي «الصحيحين»: عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ جَمَعَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ المَغْرِبَ وَالعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ (٢).

المبحث الثاني: حُكْم جمع التقديم في المزدلفة.

اختَلف العلماء في حُكْم جمع التقديم في المزدلفة على قولين:

القول الأول: يَجوز جمع التقديم في المزدلفة لمن وصل قبل دخول وقت العشاء، ولكن الأَوْلَى والسُّنة جمع التأخير. وهذا قول أبي يوسف من الحنفية، وأَشْهَب من المالكية، ومذهب الشافعية والحنابلة (٣).

واستدلوا بأن وقت المغرب يَبدأ بغروب الشمس، بالكتاب والسُّنة والإجماع، ومَن أَدَّى الصلاة في وقتها أجزأته، وتأخير المغرب بمزدلفة سُنة، وتَرْك السُّنة لا يُبْطِل الصلاة.

القول الآخَر: لا يَجوز جمع التقديم في المزدلفة، ولو فَعَل لأعاد المغرب والعشاء في وقت العشاء. وهذا مذهب الحنفية، وقول المالكية، وقول ابن حزم (٤).


(١) ونَقَل الإجماع على ذلك: ابن المنذر في «الإجماع» (ص: ٥٧)، وابن عبد البر في «التمهيد» (٩/ ٢٦٩)، و «الاستذكار» (٤/ ٣٣٠)، وابن حزم في «مراتب الإجماع» (ص: ٤٥)، وابن رُشْد في «بداية المجتهد» (١/ ١٧٠)، وابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (٢٢/ ٨٥) وغيرهم.
(٢) رواه البخاري (١٦٧٤)، ومسلم (١٢٨٧).
(٣) «المبسوط» (٤/ ٦٢)، و «التمهيد» (٩/ ٢٧٠)، و «الأم» (٢/ ٢١٢)، و «المغني» (٥/ ٢٨١).
(٤) «المبسوط» (٤/ ٦٢)، و «المُدوَّنة» (٢/ ٤١٧)، و «مواهب الجليل» (٣/ ١٢٥)، و «المُحَلَّى» (٧/ ١٤٦).

<<  <   >  >>