للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الإجماع، فنَقَل الإجماع على ذلك: ابن المنذر، وابن رُشْد … وغيرهما (١).

المبحث الثاني: حُكْم قتل المحرم للحيوان غير مأكول اللحم:

اختَلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: يَجوز للمُحْرِم قتل الحيوان غير مأكول اللحم، ولا جزاء عليه. وهذا مذهب الشافعية والحنابلة (٢).

القول الآخَر: لا يَقتل المُحْرِم شيئًا من صيد البر، سواء ما يُؤكَل لحمه أم لا يؤكل، إلا الفواسق الخمس التي أباح رسول الله قَتْلها. وهو مذهب الحنفية والمالكية (٣).


= وقد توبع ابن عُيينة عن الزُّهْري: (لَحْم حمار):
١ - فقد تابعه عمرو بن دينار عند عبد الله في «زوائده» (١٦٦٥٧)، وفيه محمد العبدي، وفيه ضعف.
٢ - ابن إسحاق عند الطبراني في «الكبير» (٧٤٤٢) بلفظ: (رِجل حمار وحش). وابن إسحاق حَسَنُ الحديث، إلا أنه لا يُحْتَجّ به إذا خولف.
٣ - إسحاق بن راشد في «شرح معاني الآثار» (٣٧٩٣) ورواية إسحاق عن الزُّهْري ضَعَّفها ابن مَعين.
الطريق الثاني: حَبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عباس، واختُلف عليه:
١ - فرواه الأعمش قال: حِمَارَ وَحْشٍ. وَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ: شِقُّ حِمَارِ. وَفِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ عَنِ الْحَكَمِ: رِجْلَ حِمَارِ وَحْشٍ. وَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ: عَجُزَ حِمَارِ. خَرَّج رواياتهم مسلم (١١٩٤).
الطريق الثالث: ما رواه مسلم (١١٩٥): عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَذْكِرُهُ: كَيْفَ أَخْبَرْتَنِي عَنْ لَحْمِ صَيْدٍ أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ وَهُوَ حَرَامٌ؟ قَالَ: أُهْدِيَ لَهُ عُضْوٌ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ فَرَدَّهُ، فَقَالَ: «إِنَّا لَا نَأْكُلُهُ، إِنَّا حُرُمٌ».
الطريق الرابع: طريق عمرو بن أُمية، فرَوى ابن وهب كما في «فتح الباري» (٤/ ٣٢) ومِن طريقه البيهقي في «السُّنن الكبرى» (١٠٠٢٩) عَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، أَنَّ الصَّعْبَ أَهْدَى لِلنَّبِيِّ عَجُزَ حِمَارِ وَحْشٍ، وَهُوَ بِالْجُحْفَةِ، فَأَكَلَ مِنْهُ وَأَكَلَ الْقَوْمُ.
وهذا المتن منكر؛ لأنه مخالف لما اتَّفَق عليه الرواة عن ابن عباس، من أن النبي رَدَّ صيد الصَّعْب، فلم يأكل منه هو ولا أصحابه. كما في «سِيَر أعلام النبلاء» (٨/ ٦).
قال ابن القيم: أَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، فَغَلَطٌ بِلَا شَكٍّ! فَإِنَّ الْوَاقِعَةَ وَاحِدَةٌ، وَقَدِ اتَّفَقَ الرُّوَاةُ أَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ، إِلَّا هَذِهِ الرِّوَايَةَ الشَّاذَّةَ الْمُنْكَرَةَ. «زاد المعاد» (٢/ ١٥٣)، و «فتح الباري» (٤/ ٣٢).
(١) قال ابن قُدامة: لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَحْرِيمِ قَتْلِ الصَّيْدِ وَاصْطِيَادِهِ عَلَى الْمُحْرِمِ. «المغني» (٥/ ١٣٢). ونَقَل الإجماع: ابن المنذر في «الإجماع» (ص: ٥٢)، وابن رُشْد في «بداية المجتهد» (٢/ ٩٥)، والنووي في «المجموع» (٧/ ٢٩٦)، و «الفروع» لابن مفلح (٥/ ٤٦٧).
(٢) «المجموع» (٧/ ٣١٦)، و «المبدع» (٣/ ١٣٩).
(٣) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٩٧)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٩٥).

<<  <   >  >>