للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن حَجة الإسلام (١).

واستدلوا بأن العبد إذا حج بإذن سيده ونواه عن الفريضة، فإنه يجزئه؛ لأننا نقول: لا يجب عليه الحج لأنه كالفقير، والفقير لو حج حال فقره وتَكلَّف المشقة، يَسقط عنه الفرض. فكذلك العبد إذا حج بإذن سيده، فإنه يَسقط عنه الفرض.

[الشرط الخامس: الاستطاعة]

وفيه تمهيد، وثلاثة مباحث:

تمهيد: تعريف الاستطاعة:

لغة: هي الطاقة والقُدرة على الشيء.

والمستطيع هو القادر في ماله وبدنه، وذلك يختلف باختلاف أحوال الناس، وضابطه: أن يَحصل على التأشيرة والتذكرة، بعد قضاء الواجبات والنفقات والحاجات الأصلية (٢).

[المبحث الأول: اشتراط الاستطاعة في وجوب وإجزاء الحج، وفيه مطلبان]

المطلب الأول: الاستطاعة شَرْط في وجوب الحج:

لا خلاف في اشتراط الاستطاعة في وجوب الحج (٣).

المطلب الثاني: الاستطاعة ليست شرطًا في إجزاء الحج:

فَلَوْ تَجَشَّمَ غَيْرُ الْمُسْتَطِيعِ الْمَشَقَّةَ، وَسَارَ بِغَيْرِ زَادٍ وَرَاحِلَةٍ فَحَجَّ، كَانَ حَجُّهُ صَحِيحًا مُجْزِئًا، كَمَا لَوْ تَكَلَّفَ الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ المَذَاهَبِ الأَرْبَعَةِ (٤).

قال ابن مفلح: الاسْتِطَاعَةُ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي إِجْزَاءِ الحَجِّ؛ لأِنَّ خَلْقًا مِنَ الصَّحَابَةِ حَجُّوا، وَلَا شَيْءَ لَهُمْ، وَلَمْ يُؤْمَرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِالْإِعَادَةِ. وَلِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ إِنَّمَا شُرِطَتْ


(١) «المُحَلَّى» (٥/ ١٤).
(٢) «المصباح المنير» (٢/ ٣٨٠)، و «فتح القدير» (٢/ ٤١٧)، و «القوانين الفقهية» (ص: ٨٦).
(٣) نَقَل الإجماع: ابن حزم في «مراتب الإجماع» (ص: ٤١)، وابن قُدامة في «المغني» (٥/ ٧)، والقرطبي في «تفسيره» (٤/ ١٥٠)، والنووي في «المجموع» (٧/ ١٩) وغيرهم كثير.
(٤) «البحر الرائق» (٢/ ٣٣٥)، و «مواهب الجليل» (٣/ ٤٤٧)، و «المجموع» (٧/ ٢٠).

<<  <   >  >>