للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث السادس: زمن ذبح الهَدْي:

وفيه مطلبان:

المطلب الأول: أول زمن ذبح الهَدْي:

اختَلف العلماء في تحديد ابتداء وقت ذبح هَدْي التمتع والقِران، على قولين:

القول الأول: يبتدئ وقت ذبح الهَدْي يوم النحر، ولا يجزئ قبل ذلك. وهذا مذهب الحنفية والمالكية، وقول عند الشافعية، والحنابلة (١).

واستدلوا بالكتاب والسُّنة.

أما الكتاب، فعموم قوله تعالى: ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ [البقرة: ١٩٦].

وَجْه الدلالة: معلوم أن الإحلال لا يكون إلا يوم النحر، وحَلْق الرأس معلق ببلوغ الهَدْي مَحِله، ولو جاز ذبح الهَدْي قبل يوم النحر، لجاز الحَلْق، ومعلوم أن حلق الرأس لا يَجوز قبل يوم النحر.

واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (٢٨) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٨، ٢٩].

وَجْه الدلالة: إذا كان قضاء التَّفَث وطواف الإفاضة يختصان بيوم النحر، فكذا الذبح؛ لذا يُسَمَّى يومَ النحر، أي: الذبح.

وأما السُّنة، فَعَنْ حَفْصَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا بِعُمْرَةٍ، وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ؟! قَالَ: «إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَقَلَّدْتُ هَدْيِي، فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ» (٢).

وَجْه الدلالة: أنه عَلَّق الحِل على النحر، ومعلوم أن الحِل لا يكون إلا يوم النحر.

القول الآخَر: جواز نحر هَدْي التمتع والقِران قبل يوم النحر وبعد عمرة التمتع. وهو


(١) «المبسوط» (٤/ ٧٦)، و «مواهب الجليل» (٣/ ٢٤٧)، و «الأم» (٢/ ٢٣٩)، و «الشرح الكبير» (٣/ ٢٤٥).
(٢) رواه البخاري (١٥٦٦)، ومسلم (١٢٢٩).

<<  <   >  >>