للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قول عند الشافعية، وقول عند الحنابلة (١).

واستدلوا بالقرآن والسُّنة والقياس:

أما القرآن، فاستدلوا بقوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ [البقرة: ١٩٦].

وَجْه الدلالة: دلت الآية على جواز ذبح هَدْي المتعة بعد الإحرام بالعمرة؛ إذ هَدْي التمتع له سببان: العمرة والحج، فإذا أَحْرَم بالعمرة جاز الذبح عند وجود السبب.

ونوقش بأن مجرد فَهْم الآية باجتهاد عَارَض نصًّا، وهو أن النبي وأصحابه لم ينحروا الهَدْي إلا في يوم النحر، ولا اجتهاد مع النص، فالنبي هو المُبيِّن لِما أُنْزِلَ إليه، وهو الذي يُفسِّر ذلك بنحره يوم العيد.

وأما السُّنة، فَعَنْ جَابِرِ يُحَدِّثُ عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ ، قَالَ: «فَأَمَرَنَا إِذَا أَحْلَلْنَا أَنْ نُهْدِيَ، وَيَجْتَمِعَ النَّفَرُ مِنَّا فِي الْهَدِيَّةِ، وَذَلِكَ حِينَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا مِنْ حَجِّهِمْ» (٢).

في الحديث جواز ذبح هَدْي التمتع بعد التحلل من العمرة، وقبل الإحرام بالحج (٣).

ونوقش بأن لفظة: «وَذَلِكَ حِينَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا مِنْ حَجِّهِمْ» شاذة؛ فمدار الحديث على محمد بن بكر؛ فقد رواه الأئمة الثقات كمالك والليث وغيرهما بدون هذه الزيادة.

وأما القياس، فإنه يَجوز ذبح الهَدْي من بعد الإحرام بالعمرة؛ قياسًا على الصيام المذكور في قوله تعالى: ﴿فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة: ١٩٦] لمَن لم يجد الهَدْي، فيَجوز له أن يصوم بعد العمرة وقبل يوم النحر؛ لأن الصيام بدل، والبدل له حُكْم المُبْدَل منه (٤).

واعتُرض عليه من وجهين:

الأول: أن هذا قياس فاسد الاعتبار؛ لأنه لا قياس مع وجود النص، والنصوص متكاثرة على أن النبي وأصحابه لم يَنحروا إلا يوم العيد.


(١) واختلفوا في أول وقت يَجوز فيه النحر: فقيل: يَجوز بعد إحرام العمرة. وقال به بعض الشافعية، وهو قول عند الحنابلة، كما في «نهاية المحتاج» (٣/ ٣٢٧)، و «الإنصاف» (٣/ ٣٢٧) وقيل: بعد الإحلال من العمرة. وقيل: من بعد الإحرام للحج، كما في «روضة الطالبين» (٣/ ٥٢).
(٢) أخرجه مسلم (١٣٣٥).
(٣) «شرح النووي» (٩/ ٦٨).
(٤) «الفروع» (٣/ ٣١٣).

<<  <   >  >>