وقال ابن عبد البر: أَمَّا اسْتِلَامُ الرُّكْنِ، فَسُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ، وَعِنْدَ الْخُرُوجِ بَعْدَ الطَّوَافِ، وَالرُّجُوعِ إِلَى الصَّفَا، لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا. «التمهيد» (٢٤/ ٤١٦). (٢) وقد أخرجه مسلم في صفة الحج في حديث جابر الطويل. وقد رواه سليمان بن بلال، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَمَلَ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْحَجَرِ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى زَمْزَمَ فَشَرِبَ مِنْهَا، وَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ رَجَعَ فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الصَّفَا» فتَفَرَّد سليمان بن بلال بهذه اللفظة: (ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى زَمْزَمَ، فَشَرِبَ مِنْهَا، وَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ) عند أحمد (١٥٢٤٣) وهي شاذة؛ لأنه جعل شرب النبي ﷺ بعد طواف القدوم. وقد خالف سليمانَ الثقاتُ الأثبات فرووه بدون هذه الزيادة، منهم مالك عند النَّسَائي (٢٩٦٣)، والثوي وابن عُيينة، كلاهما عند الترمذي (٨٥٦، ٨٦٢)، وحاتم بن إسماعيل عند مسلم (١٢١٨)، وإسماعيل بن جعفر ويزيد بن الهاد، كلاهما عند النَّسَائي (٢٩٦١)، (٢٩٨٥)، ويحيى القطان عند أحمد (١٤٤٤٠). وغيرهم عن جعفر، عن أبيه، عن جابر، به، بدون هذه الزيادة. وفي هذا المتن أنه عاد إلى الحَجَر الأسود مرتين: مرة قبل الشرب، وأخرى بعده. وهذا منكر، تَفَرَّد به موسى بن داود عن سليمان، وقد خالفه القَعْنَبي عند أبي عَوَانة (٣٤٥١) فذَكَر أنه استلم الحَجَر مرة واحدة. والصحيح أن النبي ﷺ بعدما طاف للقدوم وصلى ركعتين، عاد إلى الحَجَر فاستلمه ثم ذهب إلى الصفا.