للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الإجماع منخرم؛ فقد ورد للشافعية قول بجواز ذبح الهَدْي خارج الحرم، بشرط أن يُنقَل اللحم ويُفرَّق في الحَرَم قبل أن يتغير؛ لأن المقصود هو اللحم، وقد حَصَل الغرض بإيصاله إلى أهله من مساكين الحَرَم (١).

ونوقش هذا بما قاله السرخسي: إِنَّ إرَاقَةَ الدَّمِ لَا تَكُونُ قُرْبَةً إلَّا فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ أَيَّامُ النَّحْرِ، أَوْ مَكَان مَخْصُوصٍ هُوَ الْحَرَمُ، وَهَذَا الدَّمُ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ بِالزَّمَانِ، فَيَكُونُ مُخْتَصًّا بِالْمَكَانِ وَهُوَ الْحَرَمُ؛ لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى الْقُرْبَةِ (٢).

واستدلوا بأن الرسول أجاز الذبح في مكة، بقوله : «وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ» فأطراف مكة التي خارج الحرم تَدخل في عموم هذا الحديث.

ونوقش بأن النبي قال ذلك، وبيوت مكة كلها في الحَرَم، أما الآن فمكة قد اتسعت عمرانيًّا، حتى إن بعض أطرافها قد خرجت خارج حدود الحرم، فلا يُذبَح إلا داخل حدود الحَرَم.

فالحاصل: أنه لا يجزئ ذبح الهَدْي في أطراف مكة مما هو خارج الحرم، كجهة التنعيم؛ لعموم الأدلة التي تدل على أنه لا يُذبَح في غير الحَرَم؛ لذا لا بد أن تكون المَجازر داخل الحَرَم؛ لكيلا يضطر أحد لذبح هَدْيه خارج الحَرَم.

المبحث الخامس: الأضحية أو الهَدْي بمبتور الذَّنَب أو الأَلْيَة:

سبب دخول هذه المسألة في النوازل هو أنه أصبحت كثير من الأغنام التي تأتي من أستراليا قد استؤصلت أَلْيَتها، فهل تجزئ في الأضحية وأداء نسك الهَدْي؟

اختَلف أهل العلم في حُكْم الهَدْي بمبتور الذَّنَب أو الأَلْيَة- على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن مبتورة كامل الذَّنَب أو الأَلْيَة لا تجزئ، وأما مقطوعة بعض الذَّنَب فتجزئ. وهو مذهب الحنفية والمالكية، ورواية عند الحنابلة (٣).


(١) «المجموع» (٧/ ٤١١)، و «روضة الطالبين» (٣/ ١٨٧).
(٢) «المبسوط» (٤/ ٧٥).
(٣) «تبيين الحقائق» (٦/ ٧)، و «المُنتقَى» (٣/ ٨٤)، و «الفروع» (٣/ ٥٤٢).

<<  <   >  >>