للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل السادس: الإحصار

وفيه تمهيد ومبحثان:

التمهيد: معنى الإحصار: هو مَنْع المُحْرِم مِنْ إتمام أركان الحج أو العمرة (١).

المبحث الأول: ما المانع الذي يتحقق به الإحصار؟ وفيه مطلبان:

[المطلب الأول: الإحصار بالعدو]

الإحصار يَحصل بالعدو، بالكتاب والسُّنة والإجماع:

أما القرآن، فاستُدل بعموم قوله تعالى: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ [البقرة: ١٩٦].

فسبب نزول الآية هو صد المشركين رسول الله وأصحابه عن البيت.

وأما السُّنة، فَثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ أَمَرَ أَصْحَابَهُ يَوْمَ حُصِرُوا فِي الْحُدَيْبِيَةِ أَنْ يَنْحَرُوا وَيَحْلِقُوا وَيَحِلُّوا (٢).

وأما الإجماع، فقال ابن قُدَامة: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا حَصَرَهُ عَدُوٌّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ، فَمَنَعُوهُ الْوُصُولَ إِلَى الْبَيْتِ، وَلَمْ يَجِدْ طَرِيقًا آمِنًا؛ فَلَهُ التَّحَلُّلُ (٣).

[المطلب الثاني: الإحصار بالمرض وغيره]

اختَلف العلماء في المانع الذي يتحقق به الإحصار غير الإحصار بالعدو على قولين:

القول الأول: أن الإحصار يتحقق بكل حابس يَحبس المُحْرِم عن المضي في موجب الإحرام، فالإحصار كل ما صَدَّ المُحْرِم ومَنَعه عن الوصول إلى البيت، من عدو أو مرض أو غير ذلك. وهذا مذهب الحنفية، ورواية عن أحمد، وبه قال ابن حزم (٤).

واستدلوا بالقرآن والسُّنة والمأثور والقياس:

أما القرآن، فاستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ [البقرة: ١٩٦].

وَجْه الدلالة: أن لفظ الإحصار مطلق، لم يُقيَّد، فيَدخل فيه العدو والمرض ونحوهما.


(١) «نهاية المحتاج» (٣/ ٣٦٢).
(٢) رواه البخاري (٢٧٣١) في حديث طويل، وفيه: فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: «قُومُوا فَانْحَرُوا، ثُمَّ احْلِقُوا».
(٣) «المغني» (٥/ ١٩٤) فالمُحْصَر بعَدُوّ له أن يتحلل باتفاق العلماء. «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ٢٢٧).
(٤) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٧٥)، و «المغني» (٥/ ٢٠٣)، و «المُحَلَّى» (٧/ ٢٠٣).

<<  <   >  >>