للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَجْه الدلالة: أن المُحْرِم ليس له أثر في هذا الصيد، لا دلالة ولا إعانة، ولا مشاركة ولا استقلالًا، ولا صِيد من أجله؛ فلم يُمنع منه.

المبحث الخامس: صيد الحَرَم:

يَحرم الصيد في الحَرَم على المُحْرِم وعلى الحلال، بالسُّنة والإجماع.

أما السُّنة، فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: «إِنَّ هَذَا البَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَ ٠ اتِ وَالأَرْضَ … لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ» (١).

وأما الإجماع، فنُقِل الإجماع على أن صيد الحرم حرام على الحلال والمُحْرِم (٢).

المبحث السادس: ما لا يَدخل في الصيد: وفيه ثلاثة مطالب:

[المطلب الأول: الهوام والحشرات]

لا تَدخل الهوام والحشرات في تحريم الصيد عند الحنفية والشافعية والحنابلة (٣).

المطلب الثاني: قَتْل الفواسق الخمس:

للمُحْرِم قتل الفواسق الخمس: الفأرة، والعقرب، والكلب العَقور، والغراب، والحِدَأة، في الحِل والحَرَم، بالسُّنة والإجماع.

أما السُّنة، فَعَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَا حَرَجَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ: الغُرَابُ، وَالحِدَأَةُ، وَالفَأْرَةُ، وَالعَقْرَبُ، وَالكَلْبُ العَقُورُ» (٤).

وأما الإجماع، فنُقل الإجماع على أنه يَجوز للمُحْرِم قتل الفواسق الخمس (٥).

ونُقل الإجماع على جواز قتل المُحْرِم للحية (٦).


(١) رواه البخاري (٣١٨٩)، ومسلم (١٣٥٣).
(٢) نَقَله ابن المنذر في «الإجماع» (ص: ٦٠)، والنووي في «شرح مسلم» (٩/ ١٢٥).
(٣) «البحر الرائق» (٨/ ٢٥١)، و «الحاوي» (٤/ ٣٤١)، و «كشاف القناع» (٢/ ٤٣٩).
(٤) رواه البخاري (١٨٢٨)، ومسلم (١٢٠٠).
(٥) نَقَل الإجماع: ابن المنذر في «الإجماع» (ص: ٥٤)، والبغوي في «شرح السُّنة» (٧/ ٢٦٧، ٢٦٨).
وقال ابن عبد البر: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ قَتْلِ الْفَأْرَةِ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ. «الاستذكار» (٤/ ١٥٦).
وقد ورد عن النَّخَعي أنه مَنَع المُحْرِم من قتل الفأرة. وهذا قول شاذ، يُخالِف صريح الأدلة.
(٦) قال ابن عبد البر: الْعُلَمَاءُ مُجْمِعُونَ عَلَى قَتْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، لِلْحَلَالِ وَالْمُحْرِمِ. «الاستذكار» (٤/ ١٥٥). وهذا الإجماع منخرم؛ فهناك قول لحماد بن أبي سليمان بعدم جواز قتل الحيات. وهناك قول ثالث بعدم جواز قتل صغار الحيات للمُحْرِم. وهو قول مالك في رواية. «فتح الباري» (٤/ ٤١) وهو قول شاذ لمخالفته للسُّنة، وقد روى مسلم أنه كان يأمر بقتل الحية.

<<  <   >  >>