للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لدخول مكة لاجتماع الناس بالحرم للطواف والعمرة والعبادة (١).

فالحاصل: أنه يُستحب المبيت بذي طُوى، ويُستحب الاغتسال بها. وعلى هذا فإن القادم إلى العمرة قد يكون متعبًا، فمِن السُّنة أن يَنزل أولًا على سكنه، وينام فيه حتى يستريح، ثم يغتسل قبل أن يأتي لعمل العمرة؛ فهذا هو السُّنة؛ لأن البعض يأتي متعبًا، وقبل أن يستريح من سفره، يَبدأ بأداء العمرة، ولا يكاد يركز في طوافه ولا في دعائه.

المبحث الرابع: هل يُستحب دخول مكة من أعلاها من البطحاء، مقبرة المعلاة؟

ذهب جمهور العلماء إلى استحباب دخول مكة من أعلاها، من مقبرة المعلاة، والخروج من أسفلها. وبه قال الحنفية، وهو قول للمالكية، وقول للشافعية والحنابلة (٢).

واستدلوا بما رواه ابن عمر قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَدْخُلُ مِنَ الثَّنِيَّةِ العُلْيَا، وَيَخْرُجُ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى (٣).

ونوقش بأن رسول الله دخل من الثنية العليا لأنها من طريقه.

وقد روى البخاري: عن عروة بن الزبير، وفيه: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ، مِنْ كَدَاءٍ، وَدَخَلَ النَّبِيُّ مِنْ كُدَا (٤).

وَجْه الدلالة: أن دخول النبي من أسفل مكة، ودخول خالد من أعلاها بأمر النبي دليل على أن الإنسان لا يَتعمد ذلك، بل وقع من النبي اتفاقًا. وهذا هو الراجح. وهو مذهب المالكية وقول للشافعية (٥).

المبحث الخامس: هل يُستحب أن يَدخل المسجد من باب بني شيبة (باب السلام)؟

لِبَاب السلام عدة أسماء، منها: (باب بني شيبة)، و (عبد مَناف)، و (باب السيل).

نُقِل الإجماع على استحباب دخول مريد النسك إلى المسجد الحرام، من باب بني


(١) إِنَّ مَكَّةَ مَجْمَعُ أَهْلِ النُّسُكِ، فَإِذَا قَصَدَهَا اُسْتُحِبَّ لَهُ الِاغْتِسَالُ، كَالْجُمُعَةِ. «المغني» (٥/ ٢٠٩).
(٢) «فتح القدير» (٢/ ٤٧)، و «مواهب الجليل» (٣/ ١١٣)، و «المجموع» (٨/ ٥)، و «الفروع» (٣/ ٤٩٥).
(٣) البخاري (١٥٧٥)، ومسلم (١٢٧٣).
(٤) البخاري (٤٢٨٠).
(٥) «شرح الزرقاني» (٢/ ٢٧٦)، و «المجموع» (٨/ ٥).

<<  <   >  >>