قال الماوردي: فَإِنْ تَقَدَّمَ حُكْمُ الصَّحَابَةِ فِيهِ بِشَيْءٍ، فَلَا اجْتِهَادَ لَنَا فِيهِ، وَحُكْمُ الصَّحَابَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى قَوْلِنَا، وَقَالَ مالكٌ: لَا بُدَّ فِيهِ مِنِ اجْتِهَادِ فَقِيهَيْنِ. وَهَذَا غَلَطٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:أَحَدُهُمَا: أَنَّ اللهَ أَمَرَ بِالرُّجُوعِ فِيهِ إِلَى حُكْمِ ذَوَيْ عدلٍ. وَعَدَالَةُ الصَّحَابَةِ أَوْكَدُ مِنْ عَدَالَتِنَا؛ لِأَنَّهُمْ شَاهَدُوا الْوَحْيَ وَحَضَرُوا التَّنْزِيلَ وَالتَّأْوِيلَ؛ فَكَانَ حُكْمُهُمْ أَوْلَى مِنْ حُكْمِنَا.وَالثَّانِي: أَنَّ الصَّحَابَةَ إِذَا حَكَمُوا بِشَيْءٍ أَوْ حَكَمَ بَعْضُهُمْ بِهِ، وَسَكَتَ بَاقُوهُمْ عَلَيْهِ، صَارَ إِجْمَاعًا. وَمَا انْعَقَدَ لِلْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ فِيهِ؛ لِجَوَازِ أَنْ يُؤَدِّيَ الِاجْتِهَادُ إِلَى غَيْرِ مَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ. وَكَذَا حُكْمُ التَّابِعِينَ كَحُكْمِ الصَّحَابَةِ فِي وُجُوبِ اتِّبَاعِهِ، وَمِنْهُ الِاجْتِهَادُ فِيهِ. فَأَمَّا مَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِيهِ حُكْمٌ، فَالْوَاجِبُ أَنْ يُرْجَعَ فِيهِ إِلَى اجْتِهَادِ فَقِيهَيْنِ عَدْلَيْنِ. «الحاوي» (٤/ ٢٩١).(٢) «مجموع الفتاوى» (١٥/ ٣٥٦).(٣) «الذخيرة» (٣/ ٣٣١)، و «الحاوي» (٤/ ٢٩١).(٤) «المغني» (٥/ ٤٠٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute