للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثالث: ماذا يبيح التحلل الأول من المحظورات للحاج؟

اختَلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن التحلل الأول يبيح جميع المحظورات للحاج إلا النساء. وهو مذهب الحنفية، والشافعية، والحنابلة في الصحيح عنهم (١).

واستدلوا بما ورد عن عائشة قالت: «طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ بِيَدَيَّ هَاتَيْنِ حِينَ أَحْرَمَ، وَلِحِلِّهِ حِينَ أَحَلَّ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ» (٢).

وَجْه الدلالة: أَخْبَرَتْ عائشة أنها طَيَّبَتِ الرسول عندما أَحَلّ التحلل الأول بعد الرمي والحلق قبل أن يطوف. وفي هذا دلالة واضحة على إباحة الطِّيب بالتحلل الأول، وكذا يقاس عليه سائر ما يَحرم على الحاج قبل التحلل الأول إلا النساء. وصح عن عائشة وابن الزبير أن التحلل الأول يبيح جميع المحظورات للحاج إلا النساء.

القول الثاني: أن التحلل الأول يبيح جميع المحظورات للحاج، حتى مباشرة النساء، إلا الجماع. وبه قال الشافعي في وجه، وأحمد في رواية (٣).

واستدلوا بأن المُحَرَّم هو الجماع فقط، وهو الذي يَفسد به الحج.

واعتُرض عليه بأن هذه المقدمات ذريعة إلى الجماع، فلو لم تكن محرمة لِذَاتها، لحُرِّمَتْ من باب سد الذرائع.

واستدلوا أيضًا بأنه إذا أبيح الطِّيب بعد التحلل الأصغر، والطِّيب من دواعي الجماع، فيباح القُبلة والملامسة وغيرهما، ولا يَحرم إلا الوَطْء في الفرج.

القول الثالث: أن التحلل الأول يبيح جميع المحظورات للحاج إلا النساء وقَتْل الصيد والطِّيب. وهو مذهب المالكية (٤).

واستدلوا لتحريم الصيد بعد التحلل الأول بعموم قوله تعالى: ﴿لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٤٢)، و «الأم» (٢/ ٢٤٢)، و «كشاف القناع» (٢/ ٥٨٥).
(٢) رواه البخاري (١٧٥٤)، ومسلم (١١٨٩).
(٣) «مغني المحتاج» (١/ ٥٠٥)، و «المهذب» (١/ ٤١٨).
(٤) «المُدوَّنة» (١/ ٣٢٩)، و «مواهب الجليل» (٣/ ١٣)، و «حاشيةالعدوي» (١/ ٥٤٣).

<<  <   >  >>