للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونوقش بأن هذا الحديث منكر.

قال ابن كَثير: وَهَذَا الْحَدِيثُ غَرِيبٌ جِدًّا، لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْعُلَمَاءِ قَالَ بِهِ (١).

والراجح: أن التحلل لا يكون إلا بعد الرمي والحَلْق؛ لعموم قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ فعموم الآية يَشهد بأن التحلل الأول يكون برمي الجمرة وحَلْق الشَّعر، وما يَتبع ذلك من لبس الثياب والتنظف، فهذا هو قضاء التَّفَث. ويؤيد ذلك قول عائشة: «طَيَّبْتُ رسول الله قبل أن يطوف للإفاضة» أي: بعد رمي الجمرة والحلق.

وأما القول بأن التحلل الأول يَحصل بفعل اثنين من ثلاثة (الرمي، والحلق، والطواف) فلم أقف له على دليل صريح.

وأما القول بأن التحلل يَحصل برمي جمرة العقبة، فالأحاديث التي فيها «إِذَا رَمَى أَحَدُكُمْ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلاَّ النِّسَاءَ» لا تصح.

وأما القول بأن التحلل الأول يكون برمي جمرة العقبة، ولكن ذلك مشروط بأن يطوف للإفاضة قبل غروب الشمس؛ فالحديث الذي استدلوا به منكر، مخالف لقول جماهير العلماء وعَمَل الأمة المستفيض، والله أعلم.


(١) «البداية والنهاية» (٧/ ٦٢١). قال البيهقي: وَقَدْ رَوِيَتْ تِلْكَ اللَّفْظَةُ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ مَعَ حُكْمٍ آخَرَ، لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْفُقَهَاءِ يَقُولُ بِذَلِكَ. «السُّنن الكبرى» (١٠/ ١٣٩).
قال البُلقيني: فهذا مما أجمع العلماء على ترك العمل به. «مقدمة ابن الصلاح» (ص: ٤٦٩).

<<  <   >  >>