للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أَخْبَرَتْ به عائشة ، وأن تطييبها إياه كان عَقِب جمرة العقبة.

ونوقش بأنه لا يصح حديث في حصول التحلل الأول برمي جمرة العقبة.

وأما المأثور، فعن عمر بن الخطاب أنه قال: فَمَنْ رَمَى الْجَمْرَةَ، فَقَدْ حَلَّ لَهُ مَا حَرُمَ عَلَى الْحَاجِّ، إِلاَّ النِّسَاءَ وَالطِّيبَ (١).

وعن عائشة أنها قالت: «إِذَا رَمَى حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ، حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ، فَإِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ حَلَّ لَهُ النِّسَاءُ» (٢).

وعن ابن الزبير قال: إِذَا رَمَيْتَ الْجَمْرَةَ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، فَقَدْ حَلَّ لَكَ مَا وَرَاءَ النِّسَاءِ (٣).

القول الرابع: أن التحلل الأول بعد جمرة العقبة مشروط بطواف الإفاضة قبل غروب الشمس. بمعنى أنه إذا رَمَى جمرة العقبة في يوم النحر، حَلَّ له كل شيء إلا النساء. وإذا لم يَطُف طواف الإفاضة حتى غربت الشمس من يوم النحر، عاد الحاج حُرُمًا، يَلبس الإحرام والإزار والرداء، كحاله قبل رمي جمرة العقبة، حتى يطوف بالإفاضة فيحل بذلك. رُوي هذا القول عن عروة بن الزبير وأبي قِلَابة (٤).

واستدل عروة وأبو قِلابة بعموم قول النبي : «إِنَّ هَذَا يَوْمٌ رُخِّصَ لَكُمْ إِذَا أَنْتُمْ رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ أَنْ تَحِلُّوا- يَعْنِي: مِنْ كُلِّ مَا حُرِمْتُمْ مِنْهُ- إِلَّا مِنَ النِّسَاءِ، فَإِذَا أَمْسَيْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَطُوفُوا بِهَذَا الْبَيْتِ، عُدْتُمْ حُرُمًا، كَهَيْئَتِكُمْ قَبْلَ أَنْ تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطُوفُوا بِهِ» (٥).


(١) إسناده صحيح: أخرجه مالك في «الموطأ» (١٢٢٥) عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، بِهِ.
(٢) إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (١٣٩٩١): حدثنا وكيع، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، به.
(٣) إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (١٣٩٩٠) عن ابن عُبينة، عن ابن المُنكدِر، به.
(٤) «طرح التثريب» (٥/ ٦٦).
(٥) منكر: مدار الحديث على محمد بن إسحاق، واختُلف عليه على خمسة أوجه:
الوجه الأول: رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَمْعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ أُمِّهِ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، بِهِ. أخرجه أحمد (٢٦٥٣٠).
الوجه الثاني: رواه يونس بن بُكَيْر، واقتَصَر على ذكر أُم أبي عُبيدة دون أبيه. خَرَّجها البيهقي (٩٦٨٢).
الوجه الثالث: رواه إبراهيم بن سعد، وقد روى عنه ابنه يعقوب، واختُلف عليه على وجهين:
الأول: فعن يَعْقُوب قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ خَالِدٍ مَوْلَى الزُّبَيْرِ قَالَ: حَدَّثَتْنِي زَيْنَبُ، عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ، بِهِ. أخرجه أحمد (٢٦٥٨٨).
الثاني: أخرجه أحمد (٢٦٥٨٧): حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَمْعَةَ، عَنْ أُمِّهِ زَيْنَبَ بْنَةِ أَبِي سَلَمَةَ، وَعَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَمْعَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، بِهِ.
الوجه الرابع: رواه يزيد بن زُرَيْع، أخرجه أبو نُعَيْم في «معرفة الصحابة» (٥٥٦٠) من طريق يزيد بن زُرَيْع، وابن أبي عَدي قال: أنبأنا محمد بن إسحاق قال: حدثني أبو عُبيدة بن زَمْعَة، حدثتني أم قيس بنت مِحْصَن- وكانت جارة لهم- قالت: خرج من عندي عُكَّاشة بن مِحْصَن في نفر من بني أسد، به.
الوجه الخامس: رواه الخليل بن موسى، ثنا محمد بن إسحاق، عن أبي عُبيدة بن عبد الله بن زَمْعَة، عن أبيه، عن أم سلمة. أخرجه أبو نُعَيْم (٦٤٨٨).
فالحاصل: أن مدار الحديث على ابن إسحاق عن أبي عُبيدة، وقد أُعِل بعلتين:
الأولى: أن ابن إسحاق وإن كان حسن الحديث، ولكن ما انفرد به فيه نكارة، وقد تفرد بهذه السُّنة التي خالف بها العمومات.
الثانية: أن أبا عُبيدة مجهول.

<<  <   >  >>