للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُسْقِط عنه الأداء حالًا، مع تعلق وجوب الحج في ذمته لاستيفائه شروط وجوبه.

ودل على ذلك ما رواه ابن عُمَر قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا يُوجِبُ الحَجَّ؟ قَالَ: «الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ» (١).

وَجْه الاستدلال: أن النبي لم يَذكر من الاستطاعة إلا الزاد والراحلة، ولم يَذكر تخلية الطريق، فهذا شَرْطٌ زائد، ولا يَجوز الزيادة في شروط العبادة بالرأي.

والراجح: أنه لا بد من التفريق بين أمرين:

الأول: أن على الحاج عند الاستطاعة طلب التأشيرة في كل عام، فحصول التأشيرة والتصريح للحج في هذه الحالة- شَرْطُ وجوب وليس شرط لزوم أداء؛ لعموم قوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦] وتحصيل التصريح والتأشيرة ليسا في مقدور مَنْ مُنِع منهما، فإذا مات فيُستحَب لورثته أن يَحجوا عنه من ماله.

الأمر الثاني: أن مَنْ حَصَلَتْ له الاستطاعة وطَلَب تأشيرة للحج مرة، وقَصَّر أخرى فمات، فيجب على ورثته أن يَحجوا عنه من ماله. والله أعلم.

المطلب الثاني: شروط الاستطاعة الخاصة بالنساء، وفيه شرطان:

الشرط الأول: المَحْرَم. الشرط الثاني: عدم العِدة.

الشرط الأول: اشتراط المَحْرَم. وفيه أربع مسائل:

المسألة الأولى: مَنْ المَحْرَم؟

الْمَحْرَمُ الْمَشْرُوطُ فِي اسْتِطَاعَةِ الْمَرْأَةِ لِلْحَجِّ: هُوَ زَوْجُهَا أَوْ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالتَّأْبِيدِ التَّزَوُّجُ مِنْهَا، سَوَاءٌ كَانَ التَّحْرِيمُ بِالْقَرَابَةِ أَوِ الرَّضَاعَةِ أَوِ الْمُصَاهَرَةِ، وَيَكُونُ مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا ثِقَةً مَأْمُونًا؛ فَإِنَّ المَقْصُودَ مِنَ المَحْرَمِ حِمَايَةُ المَرْأَةِ وَصِيَانَتُهَا وَالقِيَامُ بِشَأْنِهَا (٢).

المسألة الثانية: اشتراط المَحْرَم للمرأة في حج النافلة:

قَالَ الْبَغَوِيُّ: لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ السَّفَرُ فِي غَيْرِ الْفَرْضِ إِلَّا مَعَ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ، إِلَّا كَافِرَةً أَسْلَمَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ أَسِيرَةً تَخَلَّصَتْ. وَزَادَ غَيْرُهُ: أَوِ امْرَأَةً انْقَطَعَتْ


(١) ضعيف جدًّا: أخرجه الترمذي (٨٢٤) وفي إسناده إبراهيم بن يزيد الخُوزِيّ، وهو متروك.
(٢) «فتح الباري» (٤/ ٧٧)، و «المغني» (٩/ ٤٩٣)، و «الموسوعة الفقهية الكويتية» (١٧/ ٣٧).

<<  <   >  >>