للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالشم كما يكون بالاستعمال، بل إن المراد من الاستعمال هو الشم.

واعتُرض عليه بأن قياس الاستعمال على الشم قياس مع الفارق؛ لأن الشم عارض والامتناع عنه فيه مشقة، والله يقول: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: ٧٨]، والاستعمال يكون فيه استدامة؛ ولذا مُنِع المُحْرِم من استعمال الطِّيب وليس الشم.

الراجح: أن شم الطِّيب كالمسك والكافور والعود مكروه، و لا يوجب الفدية.

والحاصل أن شم الطِّيب على قسمين:

الأول: أن يَشم المُحْرِم الطِّيب من غير قصد، كَمَنْ مر بالكعبة وهي تُطيَّب فوَجَد رائحة الطِّيب، أو مر بعطار فوَجَد الرائحة. فهذا لا شيء عليه.

الثاني: أن يَشم المُحْرِم الطِّيب بقصد التلذذ به؛ فهذا مكروه لأن شمه يترفه به كما يترفه بوضعه، ولا يوجب الفدية.

المبحث التاسع: الصابون المُطيَّب، وما في حكمه من المُنظِّفات:

اختَلف العلماء على ثلاثة أقوال في ذلك:

الأول: لا يَجوز استعماله. وهو قول أبي حنيفة، وبه قال الشافعية والحنابلة (١).

الثاني- أن الصابون المُطيَّب يَجوز استعماله. وهو مذهب الحنفية (٢).

واستدلوا بأن الصابون هو الغالب، والعبرة بالغالب، والمقصود منه التنظيف، ولا يُسمَّى مَنْ اغتَسل بالصابون مُتطيِّبًا.

القول الثالث: التفصيل: فيَجوز استعمال الصابون المُطيَّب بالرياحين؛ لأنه إذا كان شم المُحْرِم للرياحين لا يوجب الفدية، فمِن باب أَوْلَى المخلوط بغيره.

وأما إذا كان مُطيَّبًا بما يُتخذ للتطيب كالمسك ونحوه، فلا يَجوز استعماله لعموم الأدلة التي تَنهى المُحْرِم عن استعمال الطِّيب. وهذا مذهب المالكية (٣).


(١) «المبسوط» (٤/ ١٢٢)، و «الأم» (٢/ ١٥٢)، و «الحاوي» (٤/ ١١٠)، و «المغني» (٥/ ١٤٩).
(٢) «فتح القدير» (٢/ ٤٤١)، و «تبيين الحقائق» (٢/ ٥٣).
(٣) «المُدوَّنة» (١/ ٣٠٨)، و «الذخيرة» (٣/ ٣١١)، و «مواهب الجليل» (٤/ ٢٢٥).

<<  <   >  >>