للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بيان في أي زمن كانت.

القول الآخَر: عدم جواز أن يُظلِّل المُحْرِم رأسه بتابع له منفصل، كالمَحْمَل والهودج. وهو مذهب المالكية، ورواية عند الحنابلة (١).

والراجح: جواز استظلال المُحْرِم بسقف السيارة أو الشمسية أو نحوهما؛ لِما ثبت في الصحيح أن النبي ظُلل عليه بثوب. وصح عنه أنه ضُرِبَتْ له قُبة بنَمِرة، فنَزَل تحتها حتى زالت الشمس يوم عرفة.

المبحث الثالث: حُكْم تغطية الوجه للمُحْرِم:

اختَلف أهل العلم في ذلك على قولين:

الأول: أن المُحْرِم يَجوز له أن يغطي وجهه. وهو مذهب الشافعية، والصحيح عند الحنابلة (٢).

واستدلوا بالسُّنة والمأثور والمعقول:

أما السُّنة: فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ رَجُلًا وَقَصَهُ بَعِيرُهُ، وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ : «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ … وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ».

وَجْه الدلالة: أن النص خص الرأس بالنهي عن التغطية بقوله: «وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ» فمفهومه يقتضي جواز تغطية الوجه وغيره للمُحْرِم.

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «إِحْرَامُ الرَّجُلِ فِي رَأْسِهِ» (٣).

فالمُحْرِم لا يغطي رأسه، فمفهومه يقتضي جواز تغطية الوجه للمُحْرِم.


(١) «مواهب الجليل» (٣/ ١٤٤)، و «المغني» (٥/ ١٢٩)، و «شرح العمدة» (٢/ ٦٩).
(٢) «الأم» (٢/ ١٤٩)، و «الحاوي» (٤/ ١٠١)، و «المغني» (٥/ ١٥٣)، و «الإنصاف» (٣/ ٤٦٣).
(٣) الصحيح فيه الوقف، ومدار الحديث على عُبَيْد الله بن عُمَر، عن نافع، عن ابن عمر، واختُلِف عنه:
فرواه أيوب بن محمد أبو الجَمَل، عن عُبَيْد الله، به مرفوعًا. أخرجه الدارقطني (٢٧٦٠).
وخالف أيوبَ ابنُ عُيَينة، عند العُقَيْلي في «الضعفاء» (٥٣٤)، وهشام بن حَسَّان عند الدارقطني (٢٧٦١) وذَكَر الدارقطني في «علله»: علي بن مُسْهِر، ومحمد بن بِشر، وعبد الرحمن بن سليمان، وابن نُمَير، وإِسحاق الأَزرق … وغيرهم، رَوَوْه عن عُبيد الله، عن نافع، عن ابن عُمر، موقوفًا، وهو الصواب. «علل الدارقطني» (٧/ ٤٨). وكذا قال ابن عَدِيّ والعُقَيْلي. «الدراية» (٢/ ٣٢) وقال البيهقي: أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو الجَمَلِ ضَعِيفٌ، وَالْمَحْفُوظُ مَوْقُوفٌ.

<<  <   >  >>