للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحِجْر والشاذَرْوان

الحِجْر وهو محوط مدور بجدار قصير، على نصف دائرة تحت الميزاب، تَرَكَتْه قريش لَمَّا قصرت بهم النفقة، وهذا الجدار القصير يطلق عليه الشاذَرْوان، وعَرْضه ذراع (١).

ولا يصح الطواف إلا من وراء الحِجْر والشاذَرْوان، على قول جمهور العلماء، فإن طاف ماشيًا على الجدار القصير- الشاذَرْوان- ولو في خطوة، لم تصح طوفته تلك؛ لأنه طاف في البيت لا بالبيت (٢).

الشرط الخامس: كَوْن الطواف سبعة أشواط: وفيه مبحثان:

المبحث الأول: اشتراط أن يكون الطواف بالبيت سبعة أشواط:

اختَلف العلماء في ذلك على قولين:

القول الأول: أنه لا يصح الطواف إلا بإتمام سبعة أشواط. فمَن طاف ستًّا أو خمسًا، لم يصح طوافه ولم يُعْتَدّ به. وهذا مذهب المالكية والشافعية والحنابلة (٣).

واستدلوا بالكتاب والسُّنة:

أما الكتاب، فاستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩].

وَجْه الدلالة: أن الله أَمَر بالطواف ببيته العتيق، ولم يُبيِّن العدد المجزئ في ذلك، فجاء البيان بفعله إذ طاف سبعة أشواط، وقال: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ» فدل ذلك على أن الطواف سبعة أشواط، فلا يجوز النقص منه كالصلاة.

وأما السُّنة، فقد وردت الأحاديث المستفيضة عن رسول الله بأنه طاف سبعًا، منها ما رواه البخاري عن ابن عمر قال: «قَدِمَ النَّبِيُّ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا».

القول الآخَر: أن إتمام سبعة أشواط في الطواف ليس بشرط لصحته، وأنه لو طاف خَمْسًا صح طوافه، فيَدخل في عموم قوله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩] فالأمر بالطواف مطلق ولا يقتضي التَّكرار. ويُجْبَر ما تُرِك منها بدم. وبه قال الحنفية (٤).


(١) «هداية السالك» (٢/ ٢٨٦)، و «المجموع» (٨/ ٢٤)، و «الموسوعة الكويتية» (٢٥/ ٣١٤).
(٢) «مواهب الجليل» (٣/ ٧٠)، و «الأم» (٢/ ١٧٦)، و «المغني» (٣/ ٢٢١).
(٣) «المُدوَّنة» (١/ ٣١٧)، و «المجموع» (٨/ ٢٨)، و «الإنصاف» (٤/ ١٩).
(٤) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٣٢)، و «المبسوط» (٤/ ٤٣)، و «البناية» (٤/ ٣٥٩).

<<  <   >  >>