فيُستحب أن يُكْثِر من الدعاء والتضرع، وإظهار الضعف والافتقار، ويُلِح في الدعاء.
المبحث الثامن: يُستحب للحاج في يوم عرفة الإكثار من أعمال الخير بأنواعها،
كالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ونَفْع الآخرين … وغير ذلك من أفعال الخير.
القسم الرابع: مستحبات الدفع من عرفة إلى مزدلفة:
وفيه ستة مباحث:
المبحث الأول: الدفع إلى مزدلفة بعد غروب الشمس، وعليه السكينة والوقار:
يُسَن أن يَدفع بعد غروب الشمس إلى مزدلفة، وعليه السكينة والوقار، فإذا وَجَد فجوة أسرع؛ لفِعْل النبي ﷺ وأصحابه.
المبحث الثاني: يُستحب في الدفع من عرفة إلى مزدلفة أن يسير سيرًا متوسطًا:
فمسير رسول الله ﷺ من عرفة إلى مزدلفة كان على ثلاث حالات:
الأولى: أن أغلب سير النبي ﷺ كان سيرًا متوسطًا بين الإبطاء والإسراع بسكينة ووقار، مُظْهِرًا الذل والانكسار؛ طمعًا في قَبول العزيز الغفار.
الثانية: إذا وَجَد الحاج زحامًا أبطأ؛ لكيلا يؤذي إخوانه؛ لِما رَوَى ابن عباس، أَنَّهُ دَفَعَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَسَمِعَ النَّبِيُّ ﷺ وَرَاءَهُ زَجْرًا شَدِيدًا، وَضَرْبًا وَصَوْتًا لِلْإِبِلِ، فَأَشَارَ بِسَوْطِهِ إِلَيْهِمْ، وَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ؛ فَإِنَّ البِرَّ لَيْسَ بِالإِيضَاعِ».
الثالثة: إذا وَجَد فُسحة وفُرجة أسرع. دل على ذلك ما ورد في «الصحيحين»: سُئِلَ أُسَامَةُ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَسِيرُ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ حِينَ دَفَعَ؟ قَالَ: «كَانَ يَسِيرُ العَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ» أي: سار مسرعًا.
وكذا فالرسول ﷺ أسرع عند المرور بوادي مُحَسِّر، فعَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَفَاضَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ، وَأَوْضَعَ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ (١).
فالجَمْع بين الأحاديث يدل على أن النبي ﷺ كان يسير سيرًا متوسطًا في الأغلب، فإذا وَجَد زحامًا أبطأ، وإذا وَجَد فُرجة وفَجوة أسرع، والله أعلم.
(١) وادي مُحسِّر: وادٍ بمزدلفة. وإسناده على شرط مسلم، أخرجه أحمد (١٥٢٠٧)، وأبو داود (١٩٣٥)، والترمذي (٨٩٦)، والنَّسَائي (٣٠٤٤)، وابن ماجه (٣٠٣٧) من طرق عن أبي الزبير عن جابر، به.