للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعج: هو رفع الصوت بالتلبية، وهو شعار الحج، فكيف لا يكون واجبًا؟!

القول الثالث: أن التلبية ركن في الإحرام، فلا يصح الإحرام بالنية فقط، بل لا بد مع النية من التلبية. وهو قول الحنفية، وابن حبيب من المالكية (١).

واستدلوا بما رَوَى ابن عباس: ﴿فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ﴾ [البقرة: ١٩٧] قال: التلبية (٢).

ونوقش بأن المعنى: (فمَن فَرَض) الإحرام، وهو نية الدخول في النسك (٣).

واستدلوا بقياس الحج على الصلاة، فستُفتح الصلاة بتكبيرة الإحرام فلا تكفي النية وحدها، فكذا الحج، لا تَكفي النية وحدها في الإحرام، ولا بد من التلبية معها.

وأجيب بأن العبادات لا تقاس على بعضها، فقد صح أن النبي جَهَر بالنية في بداية الحج، ولم يصح ذلك عنه في الصلاة (٤).

والراجح: أن التلبية سُنة؛ لأن التلبية ذِكر فتُسَن ولا تجب كسائر الأذكار.

المطلب الثالث: فَضْل التلبية:

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُلَبِّي إِلاَّ لَبَّى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ، حَتَّى تَنْقَطِعَ الأَرْضُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا» (٥).

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «مَا أَهَلَّ مُهِلٌّ قَطُّ إِلَّا بُشِّرَ، وَلَا كَبَّرَ مُكَبِّرٌ قَطُّ إِلَّا بُشِّرَ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِالْجَنَّةِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» (٦).


(١) «شرح فتح القدير» (٢/ ٤٤٦)، و «إرشاد السالك إلى أفعال المناسك» (١/ ١٨٦).
(٢) إسناده ضعيف: أخرجه ابن أبي شيبة (١٣٨١٦). وفي إسناده شَريك، وهو سيئ الحفظ.
(٣) «تفسير الطبري» (١/ ٥٤٠).
(٤) «المغني» (٣/ ٢٥٦).
(٥) إسناده حسن: فرواه إسماعيل بن عَيَّاش عند الترمذي (٨٢٨)، وعَبِيدة بن حُمَيْد، عند ابن خُزيمة (٢٦٣٤)، ومعاوية بن صالحٍ عند الطبراني في «الكبير» (٥٧٤١) ثلاثتهم عَنْ عُمَارة بن غَزِيَّة، عن أبي حازم، عن سَهْل به. وعُمارة بن غَزِيَّة لا بأس به.
(٦) ضعيف: رواه سُهَيْل عن أبيه، واختُلف عليه في الرفع والوقف:
فرواه زيد بن عُمَر عن سُهيل به مرفوعًا. أخرجه الطبراني في «الأوسط» (٧٧٧٩).
وقد استَنكر الذهبي في «الميزان» هذا الخبر على زيد بن عمر بن عاصم، عن سُهيل بن أبي صالح.
وخالفه وُهَيْب بن خالد عند البيهقي (١٠٤٨٥)، وسليمان بن حرب ذَكَره الدارقطني معلقًا في «العلل» (١٠/ ٢٠٩) كلاهما عن سُهَيْل، عن أبيه، عن مِرْدَاس، عن كعب، موقوفًا به.
قال الدارقطني: الموقوف هو الصحيح. «العلل» (٥/ ١٤٣).
وَعَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَا سَبَّحَ الْحَاجُّ مِنْ تَسْبِيحَةٍ وَلَا كَبَّرَ مِنْ تَكْبِيرَةٍ، إِلَّا بُشِّرَ بِهَا بُشْرَى». أخرجه الطبراني في «الأوسط» (٥٤٥٥) ليس فيه ذِكر الجنة.
وفي إسناده محمد بن عثمان بن أبي شَيْبَة، وفيه مقال.
وعن مُحَرَّر عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «ما أَهَل مُهِلّ قط، إلا آبت الشمس بذنوبه». أخرجه البيهقي في «شُعَب الإيمان» (٥/ ٤٧٥)، ومُحَرَّر بن أبي هريرة لَيِّن الحديث.

<<  <   >  >>