للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[من محظورات الوقوف بعرفة]

الصعود على جبل عرفة (الرحمة) وفيه ثلاثة مطالب:

[المطلب الأول: أسماء جبل عرفة]

وتسمية هذا الجبل ب (جبل الرحمة) خطأ، والصحيح (جبل عرفة) أو (جبل الإل) (١).

وتسمية هذا الجبل ب (جبل الرحمة) يَزيد إغراء الجَهَلة بالصعود عليه؛ لأنهم فهموا أن الرحمة لا تَنْزل إلا فوق هذا الجبل. وهذا باطل؛ لأن الرحمة تَنْزل على أهل الموقف في عرفة كلها، والرسول وقف عند الصخرات، ولم يقف على هذا الجبل.

[المطلب الثاني: مكان موقف النبي في عرفة]

الرسول وقف عند جبل عرفة في أسفله، مستقبلًا القبلة، وحبل المشاة أمامه.

وأصل ذلك ما رواه جابر في حديثه الطويل، وفيه: «ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللهِ ، حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ، فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ».

فالصخرات أسفل جبل الرحمة، وبين يديه حبل المشاة، أي: طريقهم ومَمشاهم.

فالحاصل: أنه يُستحب أن يقف الحاج عند الصخرات في حالة السَّعة؛ تحريًا لموقف النبي . ولكن عند وجود الزحام الشديد، فإِنَّ تَرْك ذلك أَوْلَى؛ لِما يَصحب ذلك من زحام يؤثر في خشوع الحاج وسكينته، وهو أحوج ما يكون في هذه اللحظات إلى استجماع القلب والانكسار بين يدي الله سبحانه، ومراعاة حال الدعاء أَوْلَى من مراعاة مكانه؛ إذ الإجماع منعقد على إجزاء الوقوف في أي موضع بعرفة، وقد روى مسلم: عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ


(١) جبل الرحمة: في شرق مَشْعَر عرفات، جبل صغير، في جنوبيه صخرات كبار، ويسمى (جبل عرفة).
وقد شاع على ألسنة الناس، وفي أقلام الكتابة تسميته باسم (جبل الرحمة) وعند بادية نجد باسم (القُرَين) ولا أصل لواحد من هذين الوصفين.
قال الشيخ بكر أبو زيد: لم تَحصل تسميته بذلك إلا في أواخر القرن الرابع الهجري، وأن الصحيح من أسمائه: (جبل الإل) و (جبل عرفة) وأن تسميته ب (جبل الرحمة) من جنس التعبير عن الحِجْر ب (حِجْر إسماعيل) بدعوى أن إسماعيل دُفِن فيه، وهو غلط لا تسنده رواية صحيحة البتة، وكتسمية ذي الحُلَيْفة ب (أبيار علي) بدعوى أن عليًّا قَاتَل الجن فيها … فلا بد من إرجاع الشيء إلى أصله وتسميته باسمه، لا سيما فيما يتعلق بمواضع النسك والتعبد، فليُقَل: (جبل الإل) و (جبل عرفة). «معجم المناهي اللفظية» (١/ ١٩٥) و «جبل الإل بعرفات» (ص: ٣٠).

<<  <   >  >>