للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>


= «الأنوار الكاشفة» (ص: ٢٩).
وقد رُوي الحديث من طرق عن أبي الزبير عن جابر، برفعه غير مشكوك فيه.
فرواه ابن لَهيعة قال: ثنا أبو الزبير، به. عند أحمد (١٤٦١٥) وابن لَهيعة مع ضعفه، فروايته عن أبي الزبير عن جابر ضَعَّفها ابن مَعِين. في «تاريخ ابن مَعِين» رواية الدارمي (ص: ١٤١).
ورواه إبراهيم الخُوزِي- وهو متروك- عن أبي الزبير، مجزومًا برفعه عند ابن ماجه (٢٩٢٧).
ورُوي الحديث عن جابر من غير طريق أبي الزبير مجزومًا برفعه، ومدار هذه الروايات على حَجَّاج بن أرطأة، واختُلف عليه من وجوه:
فرواه مرة عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِر. أخرجه ابن أبي شيبة (١٤٦٢٦).
ورواه مرة ثانية: عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ. أخرجه أحمد (٦٦٩٧).
ورواه مرة ثالثة: عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَرِيرٍ البَجَلِيِّ. ذَكَره ابن حجر في «الدراية» (٢/ ٥).
فالحاصل: أن مدار هذا الطريق على حَجاج، ومع ضعفه اضطرب فيه. «نَصْب الراية» (٣/ ١٤).
والصحيح: هو رواية ابن جُريج عن أبي الزبير عن جابر، التي وقع الشك في رفعها.
ولهذا الحديث شواهد:
١ - عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ وَقَّتَ لِأَهْلِ العِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ. أخرجه النَّسَائي (٢٦٧٣) من طرق عن هشام بن بَهْرَام قال: حدثنا المُعَافَى، عن أَفْلَحَ بن حُمَيد، عن القاسم، عن عائشة، به.
وظاهر هذا الإسناد الصحة، ولكن جملة (وَلِأَهْلِ العِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ) منكرة، أَنْكَرها الإمام أحمد على أفلح بن حُميد، وهو وإن كان ثقة لكنه انفرد بهذه الزيادة المنكرة (ذات عِرق) والتي خالف فيها الثقات. «الكامل» (٢/ ٣٤٦) وأَنْكَرها الإمام مسلم على هشام بن بَهْرَام، فقال: وهو شيخ، ولا يُقَرّ الحديث بمِثله إذا تفرد. «التمييز» لمسلم (ص: ٢١٥).
٢ - شاهد الحارث بن عمرو، عند أبي داود (١٧٣٦) وفي إسناده عُتْبَة بن عبد الملك، مجهول.
٣ - شاهد ابن عباس عند البزار (٥١٨١) وفي إسناده مُسْلِم بن خالد. وقد أنكره البزار بتفرده به.
٤ - شاهد أنس عند الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٣٥٢٨) وفيه هلال بن زيد، وهو منكر الحديث.
٥، ٦ - وله شاهد عن ابن عمر وابن عمرو، وكلاهما ضعيف.
وقد وردت مراسيل تَشهد لهذا المعنى عن عروة وعطاء ومكحول وقتادة.
فالحاصل: أن كل هذه الأحاديث فيها ضعف بَيِّن، ولا تتقوى ببعضها، ولا سيما وأحاديث المواقيت مشهورة عن عدد من الصحابة،، وليس فيها مُهَلّ أهل العراق، وإن كان صححه: البغوي في «شرح السُّنة» (٧/ ٣٨)، والعراقي في «طرح التثريب» (٥/ ١١)، وابن الطبري في «القرى» (ص: ١٠١)، وابن تيمية في «شرح العمدة» (١/ ٣٠٥)، والحافظ في «فتح الباري» (٣/ ٣٩٠).
ولكن هذا مُتعقَّب بمن ضعفوه من النقاد: كالإمام مسلم، كما في «التمييز» (ص: ٢١٤)، والشافعي في «الأم» (٣/ ٣٤١)، وأبي داود في «مثير العزم الساكن» (١/ ١٩٦)، والدارقطني في «الإلزامات» (٣٢٢).
وقال ابن خُزيمة: رُوِيَتْ فِي ذَاتِ عِرْقٍ أَخْبَارٌ لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْهَا.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَمْ نَجِدْ فِي ذَاتِ عِرْقٍ حَدِيثًا ثَابِتًا. «فتح الباري» (٣/ ٣٩٠).
وقال البغوي: وَالصَّحِيحُ أَنَّ النَّبِيَّ لَمْ يُوَقِّتْ لَهُمْ شَيْئًا. «شرح السُّنة» (٧/ ٣٩).
وقال النووي: حديث جابر غير ثابت لعدم جزمه برفعه. «شرح مسلم» (٨/ ٨١).
وكذا ضَعَّفه البيهقي في «السُّنن» (٩/ ٣٧٢)، وابن الجوزي في «كشف المُشْكِل» (١/ ١٠٥)، والخَطَّابي في «معالم السُّنن» (٢/ ١٥٩)، وابن العربي في «القبس» (٢/ ٥٥٥).

<<  <   >  >>