وفي مزدلفة يُستحَب له الوقوف عند المَشْعَر الحرام، ويَستقبل القبلة ويَذكر الله ﷿ ويدعوه، قال الله:﷿ ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ﴾ [البقرة: ١٩٨] أي: إذا دفعتم من عرفات بعد تمام وقوفكم فيها، ووصلتم إلى مزدلفة، فاذكروا الله عِنْدَ المَشْعَر الحرام- بالتلبية والتكبير، وصلاة العِشاءين والفجر، وذِكر الله ودعائه بعد الفجر.
ثم يَذهب إلى مِنًى ليَرمي جمرة العقبة بسَبْع حصيات، يُكَبِّر مع كل حصاة، وهذا ذِكر، ثم يقف طويلًا يدعو الله عند الجمرة الصغرى والوسطى.
وعند النحر يَذكر الله، قال تعالى: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ﴾ [الحج: ٣٦] والمراد بالذِّكر هنا هو التسمية على الذبيحة.
وفي أيام التشريق، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:«أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللهِ ﷿».
وقد أَمَر الله تعالى بالإكثار من ذكره بعد قضاء المناسك، فقال: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾ [البقرة: ٢٠٠] لأن أهل الجاهلية كانوا إذا فرغوا من حجهم يجتمعون فيتفاخرون بمآثر آبائهم، فأَمَر الله أهل الإسلام إذا قَضَوْا مناسكهم أن يُكْثِروا من ذكر الله أكثر من ذكر هؤلاء. فسبحانه له النعمة.
وفي ختام الآيات يُرشِد الله عباده إلى الدعاء بعد كثرة ذكره؛ لأنه أدعى للقَبول، وذَمَّ الله مَنْ يَقصر دعواته في الحج على طلب متاع الدنيا وملذاتها الفانية، ومَدَح مَنْ يسأله خيرَي الدنيا والآخرة، فقال تعالى: ﴿فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (٢٠٠) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [البقرة: ٢٠٠، ٢٠١].
فالذِّكر مُلازِم للحج، فبعد كل عمل من أعمال الحج اذكروا الله، فبعد الإحرام اذكروه