للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونوقش بأن ابن عباس خالفه عمر بن الخطاب، والنبي قد بات في مِنًى ليالي أيام التشريق، وقال: «لتأخذوا مناسككم».

والراجح: أن المبيت بمِنًى ليالي أيام التشريق واجب؛ لأن النبي بات بمِنًى، وقال: «لتأخذوا مناسككم» ولأن النبي أَذِن للعباس أن يبيت بمكة ليالي أيام التشريق من أجل سقايته، ولو كان المبيت سُنة لَمَا استأذنه العباس. ولأن عمر كان يَمنع المبيت خارج مِنًى ليالي أيام التشريق، فدل ذلك على الوجوب.

المطلب الثالث: حُكْم المبيت بمِنًى ليلة الثالث عشر للمُتعجِّل:

أيام المبيت بمِنًى هي أيام التشريق، وهي الأيام المعدودات، وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، فمَن تَعجَّل فليس عليه سوى مبيت ليلتين فقط، ويَسقط عنه المبيت ورمي الجمرة لليوم الثالث عشر؛ لعموم قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى﴾ [البقرة: ٢٠٣].

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمُرَ الدِّيلِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «أَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةٌ، فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ» (١).

قال ابن قُدامة: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مِنًى شَاخِصًا عَنِ الْحَرَمِ، غَيْرَ مُقِيمٍ بِمَكَّةَ، أَنْ يَنْفِرَ بَعْدَ الزَّوَالِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (٢).

فالحاصل: أن مَنْ تَعَجَّل فبات ليلة الثاني عشر ورمى الجمرات بعد الزوال، يباح له أن يغادر ويتعجل من مِنًى، ويَسقط عنه. وهذه رخصة إسقاط، فالحاج مُخيَّر في التعجيل والتأخير، وإن كان الأكمل والأفضل التأخر لمبيت الليلة الثالثة، ورمي جمرات اليوم الثالث من أيام التشريق؛ لفِعْله ، ولأن فيه زيادة عمل مشروع.


(١) صحيح: أخرجه أحمد (١٨٧٧٣، ١٨٩٥٤)، وأبو داود (١٩٤٠)، وقد سبق تخريجه.
(٢) «المغني» (٥/ ٣٣١)، ونَقَل الإجماع أيضًا الماوردي في «الحاوي» (٤/ ١٩٩).

<<  <   >  >>