للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واختلفوا هل يُشترط أداء ركعتي الطواف داخل الحرم؟

فذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنه يصح أداء ركعتي الطواف في أي مكان، داخل وخارج الحَرَم (١).

واستدلوا بالسُّنة والمأثور:

أما السُّنة، فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَهُوَ بِمَكَّةَ، وَأَرَادَ الخُرُوجَ، وَلَمْ تَكُنْ أُمُّ سَلَمَةَ طَافَتْ بِالْبَيْتِ وَأَرَادَتِ الخُرُوجَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ : «إِذَا أُقِيمَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ، فَطُوفِي عَلَى بَعِيرِكِ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ» فَفَعَلَتْ ذَلِكَ، فَلَمْ تُصَلِّ حَتَّى خَرَجَتْ.

فأُم سَلَمة لم تُصَلِّ ركعتي الطواف حتى خرجت من المسجد الحرام، ولم يَرِد أن الرسول نهاها عن ذلك، ولا يَجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة. فهذا دليل على عدم اشتراط ركعتي الطواف داخل الحَرَم.

وأما المأثور، فقد طَافَ عُمَرُ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ نَظَرَ، فَلَمْ يَرَ الشَّمْسَ فَرَكِبَ، وَلَمْ يُسَبِّحْ حَتَّى أَنَاخَ بِذِي طُوَى، فَسَبَّحَ رَكْعَتَيْنِ عَلَى طَوَافِهِ (٢).

وَ كَانَ ابْنِ عُمَرَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، ثُمَّ يَدْخُلُ الْبَيْتَ فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ (٣).

المطلب الثالث: هل الفضل خاص بحذاء خلف المَقام؟ أم يتعدى إلى غيره؟

اختَلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن الفضل خاص بما يَصدق عليه خلف المقام، أي: قريبًا منه عُرْفًا. وهو مذهب الحنفية في المشهور عنهم، والمالكية والشافعية والحنابلة (٤).

القول الثاني: أن الفضل يشمل ما خلف المَقام في حذائه. وهو قول النَّخَعي (٥).

القول الثالث: أن الفضل يشمل جميع الحرم. وهو قول بعض الحنفية.


(١) «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٢٩٩)، و «المجموع» (٨/ ٥٣)، و «المغني» (٣/ ٢٣٢). واستَثنى مالك عدم صلاة ركعتي الطواف في الحجر، فإِنْ صَلَّاهما في البيت أعادهما خارجه. «المُدوَّنة» (١/ ٣١٨).
(٢) إسناده صحيح: أخرجه مالك في «الموطأ» (٤٤٠) من طريق الزُّهْري، عن حُمَيْد، أن عبد الرحمن، به.
(٣) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق (٩٢١٢)، وابن أبي شيبة (١٥٦٩٤).
(٤) «المسلك المتقسط» (ص: ٢٢٠)، و «حاشية الدسوقي» (٢/ ٤٢)، و «تحفة المحتاج» (٤/ ٩٢).
(٥) إسناده ضعيف: أخرجه ابن أبي شيبة (١٥٠٣٠) وفي إسناده مغيرة، يدلس ولا سيما عن إبراهيم.

<<  <   >  >>